للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَوْدِ، فلا كفَّارَة عليه. وهذا قولُ عَطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، والحسنِ، والثَّوْرِىِّ، ومَالِكٍ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وقال طاوُسٌ، ومُجَاهِدٌ، والشَّعْبِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادَةُ: عليه الكفَّارَةُ بِمُجَرَّدِ الظِّهارِ؛ لأنَّه سَبَبٌ للكفَّارَةِ (٢)، وقد وُجِدَ، ولأنَّ الكفَّارةَ وَجَبَتْ لِقَوْلِ المُنْكَرِ والزُّورِ، وهذا يَحْصُلُ بمُجرَّدِ الظِّهارِ. وقال الشَّافِعِىُّ: متى أمْسَكَها بعدَ ظِهارِه زَمَنًا يُمْكِنُه طَلاقُها فيه، فلم يُطَلِّقْها، فعليه الكفَّارَةُ. لأنَّ ذلك هو العَوْدُ عندَه. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٣). فَأَوْجَبَ الكَفَّارَةَ بِأَمْرَيْنِ، ظِهارٍ وعَوْدٍ، فلا تَثْبُتُ بأحدِهما، ولأنَّ الكفَّارَةَ فى الظِّهارِ كفَّارَةُ يَمِينٍ، فلا يَحْنَثُ بِغَيْرِ الحِنْثِ، كسائِرِ الأيْمانِ، والحِنْثُ فِيها هو العَوْدُ، وذلك فِعْلُ ما حَلَفَ على تَرْكِهِ، وهو الجماعُ، وتَرْكُ طلاقِها ليس بِحِنْثٍ فيها، ولا فِعْل لما حَلَفَ على تَرْكِه، فلا تَجِبُ به الكفَّارةُ، ولأنَّه لو كان الإِمْساكُ عَوْدًا، لوَجَبَتِ الكَفَّارةُ على المُظاهِرِ المُوقِّتِ (٤) وإِنْ بَرَّ. وقد نصَّ الشَّافِعِىُّ على أنَّها لا تَجِبُ عليه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا كفَّارةَ عليه إذا ماتَ أحدُهما قبلَ وَطْئِها. وكذلك إنْ فارَقَها، سواءٌ كان ذلك مُتَرَاخِيًا عنْ يَمِينِهِ، أو عَقِيبَه. وأيُّهما مَاتَ وَرِثَه صَاحِبُه، فى قولِ الجُمْهُورِ. وقال قَتَادَةُ: إنْ مَاتَتْ، لم يَرِثْها حتى يُكَفِّرَ. ولنا، أَنَّ مَنْ وَرِثَها إذا كفَّرَ وَرِثَها وإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ، كالمُولِى منها.

الفصل الثَّانِى: أنَّه إذا طَلَّقَ مَنْ ظاهَرَ منها، ثم تَزَوَّجَها، لم يَحِلَّ له وَطْؤُها حتَّى يُكَفِّرَ. سواءٌ كان الطَّلاقُ ثلاثًا، أو أقلَّ منه. وسواءٌ رَجَعَتْ إليه (٥) بعدَ زَوْجٍ آخَرَ، أو قَبْلَه. نصَّ عليه أحمدُ. وهو قَوْلُ عطاءٍ، والحسنِ، والزُّهْرِىِّ، والنَّخَعِىِّ، ومالِكٍ، وأبى عُبَيْدٍ. وقال قَتَادَةُ: إذا بانَتْ، سَقَطَ الظِّهارُ، فإذا عادَ فَنكَحَها (٦)، فلا كفَّارَةَ


(٢) فى ب: "الكفارة".
(٣) سورة المجادلة ٣.
(٤) فى الأصل، ب، م: "الموقف".
(٥) فى الأصل: "عليه".
(٦) فى م: "فنكاحها".

<<  <  ج: ص:  >  >>