للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخْلِيَةُ بينه وبين مُشْتَرِيه لا حائِلَ دونَه. وقد ذكَرَهُ الخِرَقِىُّ فى باب الرَّهْنِ، فقال: إن كان ممَّا يُنْقَلُ، فقَبْضُه أخْذُه إيَّاه من راهِنِه مَنْقولًا، وإن كان ممَّا لا يُنْقَلُ، فقَبْضُه تَخْلِيَةُ راهِنِه بينَه وبينَ مُرْتَهِنِه لا حائِلَ دونَه. ولأنَّ القَبْضَ مُطْلَقٌ فى الشَّرْعِ، فيَجِبُ الرُّجوعُ فيه إلى العُرْفِ، كالإِحْرازِ، والتَّفَرُّقِ. والعَادَةُ فى قَبْضِ هذه الأشْيَاءِ ما ذَكَرْنَا.

فصل: وأُجْرَةُ الكَيَّالِ والوَزَّانِ فى المَكيلِ والمَوْزونِ على البائِعِ؛ لأنَّ عليه تَقْبيضَ المَبيعِ لِلْمُشْتَرِى، والقَبْضُ لا يَحْصُلُ إلَّا بذلك، فكان على البائع، كما أنَّ على بَائِعِ الثَّمرَةِ سَقْيَها، وكذلك أُجْرَةُ الذى يَعُدُّ المَعْدودَاتِ. وأمَّا نَقْلُ المَنْقُولاتِ، وما أشبهه، فهو على المُشْتَرِى؛ لأنَّه لا يَتَعَلَّقُ به حَقُّ تَوْفِيَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ.

فصل: ويَصِحُّ القَبْضُ قبلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وبعدَهُ، باخْتِيارِ البائِعِ، وبغيرِ اخْتِيارِهِ؛ لأنَّه ليس للبائِعِ حَبْسُ المَبيعِ على قَبْضِ الثَّمَنِ، ولأنَّ التَّسْليمَ من مُقْتَضَياتِ العَقْدِ، فمتى وُجِدَ بعدَه وَقَعَ مَوْقِعَهُ، كَقَبْضِ الثَّمَنِ.

٧٣٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنِ اشْتَرَى مَا يَحْتَاجُ إلى قَبْضِه، لَمْ يَجُزْ بَيْعُه حَتَّى يَقْبِضَهُ)

قد ذَكَرْنا الذى لا يَحْتاجُ إلى قَبْضٍ، والخِلافَ فيه. وكلُّ ما يَحْتاجُ إلى قَبْضٍ إذا اشْتَراهُ، لم يَجُزْ بَيْعُه حتَّى يَقْبِضَه؛ لقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنِ ابْتَاعَ طَعامًا، فلا يَبِعْه حتَّى يَستوْفِيَهُ". مُتَّفَقٌ عليه (١). ولأنَّه من ضَمانِ بائِعِه، فلم يَجُزْ بَيْعُه (٢)، كالسَّلَمِ، ولم أعْلَمْ [فى هذا] (٣) خِلافًا، إلَّا ما حُكِىَ عن البَتِّيِّ، أنَّه قال: لا بَأْسَ


(١) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٨٣.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) فى م: "بين أهل العلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>