للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَيْعِ كلِّ شىءٍ قبلَ قَبْضِه. وقال (٤) ابنُ عَبْدِ البَرِّ: وهذا قولٌ مَرْدودٌ بالسُّنَّةِ والحُجَّةِ المُجْمِعَةِ على الطَّعامِ، وأَظُنُّه لم يَبْلُغْه هذا (٥) الحَديثُ، ومثلُ هذا لا يُلْتَفَتُ إليه. وأمَّا غيرُ ذلك، فيَجوزُ بَيْعُه قبل قَبْضِه فى أظْهَرِ الرِّوايَتَيْنِ، ويُرْوَى مثلُ هذا عن عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ، رَضِىَ اللهُ عنه، وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، والأَوْزاعِيِّ، وإسحاقَ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أخْرَى، لا يَجوزُ بَيْعُ شيْءٍ قبلَ قَبْضِه (٦). اخْتارَها ابنُ عَقِيلٍ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشَّافِعِيِّ، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ أجازَ (٧) بَيْعَ العَقارِ قبلَ قَبْضِه، واحْتَجُّوا [بنَهْىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بَيْعِ الطَّعامِ قبل قَبْضِه] (٨)، وبما رَوَى أبو داودَ (٩)، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أن تُباعَ السِّلَعُ حيث تُبْتاعُ حتَّى يَحُوزها التُّجَّارُ إلى رِحالِهِمْ. ورَوَى ابنُ ماجَه (١٠) أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن شِراءِ الصَّدَقاتِ حتَّى تُقْبَضَ. ورُوِىَ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما بَعَثَ عَتَّابَ بنَ أَسِيدٍ إلى مَكَّةَ، قال: "انْهَهُمْ عن بَيْعِ ما لم يَقْبِضُوا (١١)، وعن رِبْحِ ما لم يَضْمَنُوا (١٢) ". ولأنَّه لم يَتِمَّ المِلْكُ عليه، فلم يَجُزْ بَيْعُه، كغير المُتَعَيِّنِ،


(٤) سقطت الواو من: الأصل.
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) فى الأصل: "القبض".
(٧) فى الأصل: "اختار".
(٨) سقط من: الأصل.
والحديث تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٨٢.
(٩) فى: باب فى بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٣. كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٥/ ١٩١. والبيهقى، فى: باب قبض ما ابتاعه جزافا. . .، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٣١٤.
(١٠) فى: باب النهى عن شراء ما فى بطون الأنعام. . .، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٤٠.
كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٢.
(١١) فى م: "يقبضوه".
(١٢) فى م: "يضمنوه".
والحديث أخرجه البيهقى، فى: باب النهى عن بيع ما لم يقبض وإن كان طعاما، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>