للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَكونُ إِعْراضًا، والقُعُودَ بخلافِه. ولو كانت قاعدةً فاتَّكَأت، أو مُتَّكِئَةً فقَعَدَتْ، لم يَبْطُلْ؛ لأنَّ ذلك لا يُبطِلُ الفِكْرَةَ. وإن تشاغلَ أحدُهما بالصَّلاةِ، بَطَلَ الخيارُ. وإن كانت فى صَلاةٍ فأتمَّتْها، لم يَبْطُلْ خيارُها. وإن أضافَتْ إليها ركعتينِ أُخْرَيَيْنِ، بَطَلَ خيارُها. وإن أكلَتْ شيئًا يَسِيرًا، أو قالت (٧): بسمِ اللَّهِ. أو سبَّحَتْ شيئًا يسيرًا، لم يَبْطُل؛ لأنَّ ذلك ليس بإعْراضٍ. وإن قالت: ادْعُ لى شُهُودًا أُشْهِدُهم على ذلك. لم يَبْطُلْ خيارُها. وإن كانت راكبةً فسارتْ، بَطَلَ خيارُها. وهذا كلُّه قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ.

فصل: فإن جَعلَ لها الخيارَ متى شاءَت، أو فى مُدَّةٍ، فلها ذلك فى تلك المُدَّةِ. وإذا قال: اخْتارِى إذا شئتِ، أو متى شئتِ، [أو متى ما شئتِ] (٨). فلها ذلك؛ لأنَّ هذه تُفِيدُ جَعْلَ الخيارِ لها فى عُمومِ الأوْقاتِ. وإن قال: اخْتارِى اليومَ وغدًا وبعدَ غدٍ. فلها ذلك، فإن رَدَّتِ الخيارَ فى الأوَّلِ، بَطَلَ كلُّه. وكذلك إن قال: لا تَعْجَلى حتى تَسْتَأْمِرِى أبوَيْك. ونحوَه، فلها الخيارُ على التَّراخِى؛ فإنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك لعائشةَ، فدَلَّ على أَنَّ خيارَها لا يَبْطُلُ بالتَّأْخيرِ. وإن قال: اخْتارِى نفسَك اليومَ، واخْتارِى نفسَك غدًا. فرَدَّتْه فى اليوم الأَوّلِ، لم يَبْطُلْ فى الثَّانى. وقال أبو حنيفةَ: لا يَبْطُلُ فى المسألةِ الأولَى أيضًا؛ لأنَّهما خِيَارانِ فى زمَنَيْنِ، فلم يَبْطُلْ أحدُهما بِرَدِّ الآخرِ، قياسًا على المسألةِ الثَّانيةِ. ولَنا، أنَّه خِيَارٌ واحدٌ، فى مُدَّةٍ واحدةٍ، فإذا بَطَلَ أوّلُه بَطَلَ ما بعدَه، كما لو كان الخيارُ فى يومٍ واحدٍ، كخيارِ الشَّرطِ وخيارِ المُعْتَقَةِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّهما خيارانِ، وإنَّما هو خيارٌ واحدٌ فى يَوْمَيْنِ، وفارقَ ما إذا قال: اخْتارِى نفسَكِ اليومَ، واختارى نفسك غدًا. فإنَّهما خيارانِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ ثَبَتَ بسببٍ مُفْرَدٍ. ولو خيَّرَها شهرًا، فاخْتارتْ نفسَها، ثم تَزوَّجَها، لم يَكُنْ لها عليه خيارٌ، وعندَ أبى حنيفةَ لها الخيارُ. ولَنا، أنَّها اسْتَوْفَتْ ما جَعلَ لها فى هذا العَقْدِ، فلم يَكُنْ لها فى عقدٍ ثانٍ، كما لو اشْتَرطَ الخِيارَ فى


(٧) فى الأصل: "وقالت".
(٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>