للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّينَّ مَالَ يَتِيمٍ". أخرجه مسلم (٦).

فصل: فإن ماتَ رجلٌ لا وَصِىَّ له، ولا حاكمَ في بلدِه، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، رحمه اللَّه، أنَّه يجوزُ لرَجلٍ من المُسلمينَ أن يَتولَّى أمرَه، ويَبيعَ ما دَعَتِ الحاجةُ إلى بَيْعِه، فإنَّ صالِحًا نَقَلَ عنه، في رجلٍ بأرضِ غُرْبةٍ، لا قاضِىَ بها، ماتَ وخلَّفَ جَوارِىَ ومالًا أتَرَى لرجلٍ من المُسلمينَ بَيْعَ ذلك؟ فقال: أمَّا المنافِعُ والحَيوانُ، فإن اضْطُرُّوا إلى بَيْعِه، ولم يكُنْ قاضٍ، فلا بأسَ، وأمَّا الجَوارِى فأحَبُّ إلىَّ أن يتولَّى بيعَهُنَّ حاكمٌ مِن الحُكَّامِ. وإنَّما توقَّفَ عن بيعِ الإِماءِ على طريقِ الاخْتِيَارِ احْتِياطًا؛ لأنَّ بَيْعَهُنَّ يتضمَّنُ إباحةَ فَرْجٍ، وأجازَ بَيْعَ ذلك؛ لأنَّه موضعُ ضَرُورَةٍ.

فصل: وإذا أوصَى إليه بتَفْرِيقِ مالٍ، لم يكُنْ له أخذُ شيءٍ منه. نصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا كانَ في يدِه مالٌ للمَساكينِ، وأبوابِ الْبِرِّ، وهو يَحْتاجُ إليه، فلا يأكلُ منه شيئا، إنَّما أُمِرَ بتَنْفِيذِه. وبهذا قالَ مالكٌ، والشَّافعىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ: إذا قالَ المُوصِى: جعلتُ لك أن تَضعَ ثُلُثِى حيثُ شِئْتَ، أو حيثُ رأيتَ. فله أخْذُه لنَفْسِه وولدِه. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ ذلك عندنا؛ لأنَّه يتناولُه لفظُ المُوصِى. ويَحْتَمِلُ أن يُنْظَرَ إلى قرائنِ الأحوالِ، فإن دلَّتْ على أنَّه أرادَ أخْذَه منه، مثلُ أن يكونَ من جُمْلَةِ المُسْتَحِقِّينَ الذين يُصْرَفُ إليهم ذلك، أو عادتُه الأخْذُ مِن مِثْلِه، فله الأخْذُ منه، وإلَّا فلا. ويَحْتَمِلُ أنَّ له إعْطاءَ ولدِه وسائرِ أقاربِه إذا كانوا مُسْتَحِقِّينَ دُونَ نفسِه؛ لأنَّه مَأْمورٌ بالتَّفْرِيقِ، وقد فرَّقَ في مَن يَستحقُّ، فأشْبَهَ ما لو دفع إلى أجْنَبِىٍّ. ولَنا، أنَّه تَمليكٌ مَلَكَه بالإِذنِ، فلا يجوزُ أَن يَكونَ قابلًا، كما لو وكَّلَه في بَيْعِ سِلْعةٍ، لم يَجُزْ له بَيْعُها مِن نفسِه.


(٦) في: باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، من كتاب الإمارة: صحيح مسلم ٣/ ١٤٥٨.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الدخول في الوصايا، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود ٢/ ١٠٢. والنسائي، في: باب النهى عن الولاية على مال اليتيم، من كتاب الوصايا. المجتبى ٦/ ٢١٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>