للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: أنَّه يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِىَ من ذَوِى أرْحامِه مَنْ يَعْتِقُ عليه، بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال الشافِعِىُّ: لا يصِحُّ، لأَنَّه تصرُّفٌ يُؤَدِّى إلى إتْلافِ مالِه؛ لأَنَّه يُخْرِج مِن مالِه ما يجوزُ له التَّصَرُّفُ فيه، فى مُقابَلَةِ ما لا يجوزُ له التَّصَرُّفُ فيه، فأشْبَهَ الهِبَةَ. فإِنْ أَذِنَ له سَيِّدُه فيه، فمنهم مَن قال: يجوزُ. قولًا واحِدًا. وهو قولُ مالِكٍ؛ لأنَّ المَنْغَ لِحَقِّ سَيِّدِه، فجازَ بإذْنِه. ومنهم مَنْ قال: فيه (١) قَوْلان. ولَنا، أنَّه اشْتَرَى مَمْلوكًا لا ضَرَرَ [على السَّيِّدِ] (٢) فى شرائِه، فصَحَّ، كالأَجْنَبِىّ، وبَيانُه أنَّه يأخُذُ كَسْبَهم، وإِنْ عَجَزَ صارُوا رقيقًا لِسَيِّدِه، ولأنَّه يصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَه غيرُه، فصَحَّ شِراؤُه له، كالأَجْنَبِىّ، ويُفارِقُ الهِبَةَ؛ لأنَّها تُفَوتُ المالَ بغيرِ عِوَضٍ، ولا نَفْعٍ يَرْجِعُ إلى المُكاتَبِ ولا السَّيِّدِ، ولأنَّه تَحَقَّقَ السَّبَبَ، وهو صدُورُ التَّصَرُّفِ مِن أهلِه فى مَحَلِّه، ولم يَتَحَقَّقِ المانِعُ؛ لأنَّ ما ذَكَرُوه لا نَصَّ فيه، ولا أصْلَ له يُقاسُ عليه.

الفصل الثانى: أنَّهم لا يَعْتِقُونَ [بِمُجَرَّدِ مِلْكِه] (٣) لهم؛ لأَنَّه لو باشَرَهم بالعِتْقِ، أو أعْتَقَ غيرَهم، لم يَقَعِ العِتْقُ، فلا يقَعُ بالشِّراءِ الذى أُقِيمَ مُقامَه ولايجوزُ له بَيْعُهم، ولا هِبَتُهم، ولا إخْراجُهم عن مِلْكِه. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: له بَيْعُ مَنْ (٤) عدا المَوْلُودِين والوَالِدين؛ لأنَّهم ليستْ قَرابَتُهم قَرابَةَ حُرِّيَّةٍ ولا بَعْضِيَّةٍ (٥)، فأشْبَهُوا الأجانِبَ. ولَنا، أنَّه ذُو رَحِمٍ يَعْتِقُ عليه إذا عَتَقَ، فلا يجوزُ بَيْعُه، كالوالِدين والمَولودِين، ولأنَّه لا يملِكُ بَيْعَهم إذا كان حُرًّا، فلا يَمْلِكُه مُكاتَبًا، كوالِدَيْه، ولأنَّهم (٦) نُزِّلُوا مَنْزلةَ أجْزائِه، فلم يَمْلِكْ بَيْعَهم، كيَدِه. فإذا أدَّى، وهم فى مِلْكِه، عَتَقُوا؛ لأَنَّه كَمَلَ [مِلْكُه فيهم] (٧)، وزالَ تَعَلُّقُ حَقِّ سَيِّدِه عنهم (٨)، فعَتَقُوا حينَئِذٍ، وولاؤُهم له دُونَ سَيِّدِهم؛ لأنَّهم عَتَقُوا عليه بعدَ زَوالِ


(١) فى ب: "فيهم".
(٢) سقط من: م.
(٣) فى ب: "مجرد ملكه".
(٤) فى ب: "ما".
(٥) فى م: "تعصيبية".
(٦) فى الأصل: "ولأنه".
(٧) فى الأصل: "ملكهم".
(٨) فى ب: "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>