للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا فَرْقَ بين كَوْنِ نَذْرِه قبلَ وُجوبِ الكفارةِ أو بعدَه (٣)؛ لأنَّ الأيَّامَ التى فى رمضانَ لا يصحُّ صَوْمُها عن نَذْرِه، وأيَّامُ الكفَّارةِ يصِحُّ صَوْمُها عن نَذْره، وإذا نَواها عن نَذْرِه، انْقَطعَ التَّتابُعُ، وأجْزأَتْ عن المَنْذُورِ (٤). وإِنْ فاتَتْه أيَّامٌ كثيرَةٌ، لَزِمتْه (٥) كفَّارةٌ واحدةٌ عن الجميعِ، فإذا كفَّرَ ثم فاتَه شىءٌ بعدَ ذلك، لَزِمَتْه كفارةٌ ثانيةٌ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ فإنَّه قال، فى من نَذَرَ صيامَ أيَّامٍ، فمرِضَ: فإنْ كان قد كفَّر عن الأوَّلِ، ثم أفطرَ بعدَ ذلك، كَفَّرَ كفَّارةً أُخْرَى، وإن لم يكُنْ كفَّر عن الأوَّلِ، فكفَّارةٌ واحدةٌ، ولا يكونُ مثلَ اليَمِينِ، إذا حنَثَ وكفَّر، سقطتْ عنه. ويَتخرَّجُ أنَّه متى كفَّرَ مَرَّةً، لم تَلْزَمْه كفَّارةٌ أُخْرَى؛ لأنَّ النَّذْرَ كاليَمِينِ، [ويُشْبهُ اليَمِينَ] (٦)، وإيجابُ الكفَّارةِ فيه لذلك، واليَمِينُ لا يُوجِبُ أكْثرَ من كفَّارةٍ، فمتى كَفَّرَها، لم يجِبْ بها أُخْرَى، كذلك النَّذْرُ. فعلى هذا، متى فاتَه شىءٌ، فكفَّرَ عنه، ثم فاتَه شىءٌ آخرُ، قَضاهُ من غيرِ كفَّارةٍ؛ لأنَّ وُجوبَ الكفَّارةِ الثانيةِ لا نَصَّ فيه، ولا إجماعَ، ولا قياسَ، فلا يُمْكِنُ إيجابُها بغيرِ دليلٍ.

فصل: إذا نذرَ صومَ سَنَةٍ بعَيْنِها، لم يدْخُلْ فى نَذْرِه رمضانُ؛ لأنَّه لا يَقْبَلُ غيرَ صومِ رمضانَ، فأشْبَهَ اللَّيْلَ، ولا يوَما العِيدَيْنِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهَى عن صِيامِهما (٧)، ولا يصِحُّ صَوْمُهما عن النَّذْرِ، فأشْبَها رمضانَ. وعن أحمدَ، فى مَن نَذَرَ صومَ شوَّالٍ، يقْضِى يومَ الفِطرِ، ويكفِّرُ. فعلى هذه الرِّوايةِ، يدْخُلُ فى نَذْرِه العيدانِ وأيَّامُ التَّشريقِ؛ لأنَّها أيَّامٌ من جُملةِ السَّنَةِ. والأَوَّلُ أصَحُّ. وفى أيَّام التَّشْريقِ رِوايتانِ. وإِنْ نذرَ صومَ سَنَةٍ مُطْلَقةٍ، فهل يَلْزَمُه صومُ سنةٍ مُتتابِعَةٍ أَوْ لا؟ فيه رِوَايتان، إحداهما، يَلْزَمُه؛ لأنَّ السَّنَةَ المُطْلَقةَ تَنْصرِفُ إلى المُتتَابِعةِ. فعلَى هذهِ الرِّوايةِ، حكمُها حكمُ المُعينةِ، فى أنَّه لا يدْخُلُ فيها العيدانِ ولا رمضانُ، وفى أيَّامِ التَّشْريقِ رِوايَتان، فإن ابْتَدأَها من أوَّلِ شهرٍ، أتمَّ أحدَ عشَرَ شهرًا بالأهِلَّةِ (٨)، إِلَّا شهرَ شَوَّال، فإنَّه يتِمُّه بالعَدَدِ؛ لأنَّه لم يَصُمْ من أوَّله، وإن ابتدأَها


(٣) فى م: "بعدها".
(٤) فى ب: "النذر".
(٥) فى ب: "لزمه".
(٦) سقط من: ب.
(٧) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٤٢٥.
(٨) فى م: "بالهلال".

<<  <  ج: ص:  >  >>