للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحِمْلِهَا، صَحَّ القَبْضُ، لأنَّ القَبْضَ حَصَل فيهما جميعا، فيكونُ مَوْجُودًا في الرَّهْنِ منهما.

فصل: وإن رَهَنَهُ سَهْمًا مُشَاعًا مِمَّا لا يُنْقَلُ، خَلَّى بَيْنَه وبينَه، سواءٌ حَضَرَ الشَّرِيكُ أو لم يَحْضُرْ. وإن كان مَنْقُولًا كالجَوْهَرَةِ يَرْهَنُ نِصْفَها، فَقَبْضُها تَنَاوُلُها، ولا يُمْكِنُ تَنَاوُلُها إلَّا بِرِضَا الشَّرِيكِ، فإن رَضِىَ الشَّرِيكُ، تَنَاوَلَها، وإن امْتَنَعَ الشَّرِيكُ، فرَضِىَ المُرْتَهِنُ والرَّاهِنُ بِكَوْنِها في يَدِ الشَّرِيكِ، جازَ، ونَابَ عنه في القَبْضِ، وإن تَنَازَعَ الشَّرِيكُ والمُرْتَهِنُ، نَصَّبَ الحَاكِمُ عَدْلًا تكونُ في يَدِه لهما وإن نَاوَلَها الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بغير رِضَا الشَّرِيكِ فتَنَاوَلَها، فإن قُلْنا: اسْتِدَامَةُ القَبْضِ شَرْطٌ. لم يَكْفِه ذلك التَّنَاوُلُ. وإن قُلْنا: ليس بِشَرْطٍ. فقد حَصَلَ القَبْضُ، لأنَّ الرَّهْنَ حَصَلَ في يَدِه مع التَّعَدِّى في غيرِه، فأشْبَه ما لو رَهَنَهُ ثَوْبًا فسَلَّمَهُ إليه مع ثَوْبٍ لغيره، فتَنَاوَلَهُما معا. ولو رَهَنَهُ ثَوْبًا، فاشْتَبَه عليه بغيرِه، فسَلَّمَ إليه أحَدَهما، لم يَثبُت القَبْضُ؛ لأنَّه لا يَعْلَمُ أنَّه أقْبَضَهُ الرَّهْنَ، فإن تَبَيَّنَ أنَّه الرَّهْنُ، تَبَيَّنَ صِحَّةُ التَّسْلِيمِ. وإن سَلَّمَ إليه الثَّوْبَيْنِ معا، حَصَلَ القَبْضُ، لأنَّه قد تَسَلَّمَ الرَّهْنَ يَقِينًا.

فصل: ولو رَهَنَهُ دَارًا، فخَلَّى بَيْنَه وبَيْنَها وهما فيها، ثم خَرَجَ الرَّاهِنُ، صَحَّ القَبْضُ. وبهذا قال [الشَّافِعِيُّ. وقال] (٥) أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ حتى يُخَلِّىَ بينه وبينها بعد خُرُوجِه منها؛ لأنَّه ما كان في الدَّارِ فيَدُه عليها، فما حَصَلَتِ التَّخْلِيَةُ. ولَنا، أنَّ التَّخْلِيَةَ تَصِحُّ بقولِه مع التَّمَكُّنِ (٦) منها وعَدَمِ المانِعِ، فأَشْبَهَ ما لو كانا خارِجَيْنِ عنها، ولا يَصِحُّ ما ذَكَرَهُ، ألا تَرَى أنَّ خُرُوجَ المُرْتَهِنِ منها لا يُزِيلُ يَدَهُ عنها، ودُخُولَهُ إلى دَارِ غيرِه لا يُثْبِتُ يَدَه عليها، ولأنه بِخُرُوجِه عنها مُحَقّقٌ لِقَوْلِه، فلا مَعْنَى لإعَادَةِ التَّخْلِيَةِ.


(٥) سقط من: ١.
(٦) في أ، م: "التمكين".

<<  <  ج: ص:  >  >>