للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَاسِمِ (٢)، صَاحِبُ مَالِكٍ: لا فِدْيَةَ عليه. ولَنا، أنَّه أزَالَ ما مُنِعَ إزَالَتَه لِضَرَرٍ فى غيرِه، فأَشْبَهَ حَلْقَ رَأْسِه دَفْعًا لِضَرَرِ قَمْلِهِ. وإن وَقَعَ فى أَظْفَارِه مَرَضٌ، فأزَالَها لذلك المَرَضِ، فلا فِدْيَةَ عليه، لأنَّه أزَالَها لإزَالَةِ مَرَضِها، فأَشْبَهَ قَصَّهَا لِكَسْرِها.

٥٨٥ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَنْظُرُ فِى الْمِرْآةِ لإصْلَاحِ شَىْءٍ)

يَعْنِى لا يَنْظُرُ فيها لإِزَالَةِ شَعَثٍ، أو تَسْوِيَةِ شَعْرٍ، أو شىءٍ من الزِّينَةِ. قال أحمدُ: لا بَأْسَ أن يَنْظُرَ فى المِرْآةِ، ولا يُصْلِحُ شَعَثًا، ولا يَنْفُضُ عنه غُبَارًا. وقال أيضا: إذا كان يُرِيدُ به زِينَةً فلا. قيل: فكيف يُرِيدُ زِينَةً؟ قال: يَرَى شَعْرَةً فيُسَوِّيهَا. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن عَطاءٍ. والوَجْهُ فى ذلك أنَّه قد رُوِىَ فى حَدِيثٍ: "إن المُحْرِمَ الأَشْعَث الأَغْبَر". وفى آخَرَ: "إنَّ اللهَ يُبَاهِى بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِى، انْظُرُوا إلَى عِبَادِى، قَدْ أَتَوْنِى شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ" (١). أو كما جاءَ لَفْظُ (٢) الحَدِيثِ. فإن نَظَرَ فيها لِحَاجَةٍ، كَمُدَاوَاةِ جُرْحٍ، أو إزَالَةِ شَعْرٍ يَنْبُتُ فى عَيْنِه، ونحوِ ذلك ممَّا أباحَ الشَّرْعُ له فِعْلَهُ، فلا بَأْسَ، ولا فِدْيَةَ عليه بالنَّظَرِ فى المِرْآةِ على كل حالٍ، وإنَّمَا ذلك أَدَبٌ لا شىءَ على تَارِكِه. لا نَعْلَمُ أَحَدًا أوْجَبَ فى ذلك شيئا. وقد رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ، أنَّهما كانا يَنْظُرَانِ فى المِرْآةِ، وهما مُحْرِمَانِ.

٥٨٦ - مسألة؛ قال: (ولا يَأْكُلُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ مَا يَجِدُ رِيحَهُ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الزَّعْفَرَانَ وغيرَه من الطِّيبِ، إذا جُعِلَ فى مَأْكُولٍ أو مَشْرُوبٍ،


(٢) عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقى، فقيه الديار المصرية، وصاحب "المدونة"، توفى سنة إحدى وتسعين ومائة. ترتيب المدارك ٢/ ٤٣٣ - ٤٤٧، الديباج المذهب ١/ ٤٦٥ - ٤٦٨.
(١) أى بارزين للشمس.
وأخرجه البيهقى، فى: باب الحاج أشعث. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٥٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٢٤، ٣٠٥.
(٢) فى أ: "فى لفظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>