للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِىُّ، وأفاقَ المجنونُ، حَلَفا حينَئذٍ. ومذْهَبُ الشَّافعىِّ في هذا الفصل كلِّه كمذْهَبِنا.

فصل: وفى عَيْنِ الأعْورِ دِيَةٌ كَاملةٌ. وبذلك قال الزُّهْرِىُّ، ومالكٌ، واللَّيْثُ، وقَتادةُ، وإسْحاقُ. وقالَ مَسْروقٌ، وعبدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشَّافعىُّ: فيها نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لقوْلِه عليه السَّلام: "وَفِى الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ". وقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَفِى الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ" (٢٠). يقْتضى أنْ لا يجبَ فيهما أكْثرُ منْ ذلك، سَواءٌ قَلَعَهما واحدٌ، أو اثْنانِ في وقتٍ واحدٍ، أو (٢١) في وَقْتينِ، وقالعُ الثَّانيةِ قالعُ عيْنِ أعْوَرَ، فلو وجَبَتْ عليه دِيَةٌ، لوَجبَ فيهما دِيَةٌ ونصْفٌ، ولأنَّ ما ضُمِنَ بنصفِ الدِّيَةِ مع بقاءِ نَظِيرِه، ضُمِنَ به مع ذَهابِه، كالأُذُنِ. ويَحْتَمِلُ هذا كلامُ الْخِرَقِىِّ؛ لقوله: وفى العيْنِ الواحدةِ نِصفُ الدِّيَةِ ولم (٢٢) يُفرِّقْ. ولَنا، أنَّ عُمرَ، وعثمانَ، وعَليًّا، وابنَ عُمرَ، قَضَوا في عَيْنِ الأعْورِ بالدِّيَةِ (٢٣). ولا (٢٤) نعلمُ لهم في الصَّحابةِ مُخالِفًا، فيكونُ إجْماعًا، ولأنَّ قلْعَ عَيْنِ الأعْورِ يَتَضمَّن إذْهابَ البصرِ كُلِّه، فوجبَتِ الدِّيَةُ، كما لو أذْهبَهُ من العينيْنِ، ودليلُ ذلك أنَّه يحصُل بها ما يحْصُل بالعينَيْن، فإنَّه يَرى الأشياءَ البعيدةَ، ويُدْركُ الأشياءَ اللَّطيفةَ، ويَعْمَلُ أعْمالَ البُصَراءِ، ويجوزُ أنْ يكونَ قاضيًا وشاهدًا، ويُجْزِئُ في الكفَّارةِ وفى الأُضْحِيَةِ إذا لم تَكُنِ العَوْراءُ مَخْسُوفةً، فوجبَ في بصَرِه دِيَةٌ كَاملةٌ، [كذِى العَيْنَيْنَ] (٢٥). فإنْ قِيل: فلو صحَّ هذا، لم يجبْ في


(٢٠) تقدم تخريجه صفحة ٥.
(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) سقطت الواو من: م.
(٢٣) انظر: ما أخرجه، عبد الرزاق في: باب عين الأعور، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٣٣٠، ٣٣١. وابن أبى شيبة، في: باب الأعور تفقأ عينه، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ١٩٦، ١٩٧. والبيهقي، في: باب الصحيح يصيب عين الأعور. . ., من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٩٤.
(٢٤) في م: "ولم".
(٢٥) في م: "كذا في العينين".

<<  <  ج: ص:  >  >>