للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال ابنُ المُنْذِرِ: أحْسَنُ ما قِيلَ في ذلك، ما قالَه علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أمَر بعَيْنِه فعُصِبَتْ، وأعْطَى رَجُلًا بيضةً، فانْطلقَ بها وهو ينْظُر، حتى انْتهَى بَصرُه، ثم أمَر فخطَّ عندَ ذَلك، ثمَّ أَمَرَ بعَيْنِه [الأُخْرَى فعُصِبَت] (١٠)، وفُتِحَتِ الصَّحيحةُ، وأَعْطَى رجُلًا بيضةً، فانْطَلقَ بها وهو يَنْظُرُ (١١) حتى انْتَهَى بَصرُه، ثم خَطَّ عندَ ذلك، ثم حوَّلَ إلى مَكانٍ آخَرَ، ففعل (١٢) مثلَ ذلِك، فوجَدُوهُ (١٣) سَواءً، فأعْطاه بقَدْرِ ما نقَصَ منْ بَصَرِه من مالِ الآخَرِ (١٤). قالَ القاضي: وإذا زَعم أهْلُ الطِّبِّ أنَّ بصرَه يَقِلُّ إذا بعُدَتِ المسَافةُ، ويكْثُرُ إذا قَرُبتْ، وأمْكَنَ هذا في المُذَارَعةِ، عُمل عليه. وبَيانُه أنَّهم إذا قَالوا: إنَّ الرَّجُلَ إذا كان يَنْظُرُ (١٥) إلى مائةِ ذِراعٍ، ثمَّ أرادَ أن يَنْظُرَ (١٥) إلى مِائَتَىْ ذِرَاعٍ، احْتاجَ للمائةِ الثَّانيةِ إلى ضِعْفَىْ ما يحتاجُ إليه للمائةِ الأُولَى من البصَرِ. فعلى هذا، إذا أبْصرَ بالصَّحيحةِ إلى مائتيْن، وأبْصرَ بالْعَليلةِ إلى مائةٍ، علِمْنا أنَّه قدْ نَقَصَ ثُلثا بصرِ عَيْنِه؛ فيجِبُ له ثُلُثَا دِيَتِها. وهذا لا يكادُ ينْضَبطُ في الغالبِ، [وكُلُّ ما لا يَنْضَبِطُ ففيه حُكومةٌ] (١٦). وإنْ جَنَى على عَيْنَيْهِ، فنَدَرَتَا، أوَ احْوَلَّتا (١٧)، أو عَمِشَتا (١٨)، ففى ذلك حُكومةٌ (١٩)، كما لو ضربَ يدَه فاعْوَجَّتْ. والجنايةُ على الصَّبِىِّ والمَعْتُوهِ، كالجنايةِ على البالغِ والْعاقلِ، وإِنَّما يفْترِقان في أنَّ البالغَ خَصْمٌ لنفسهِ، والخَصْمُ للصَّبِىِّ والمَجْنونِ ولِيُّهما، فإذا تَوجَّهتِ اليمينُ عليهما لم يَحْلِفا، وَلم يَحْلِفِ الوَلىُّ عنهُما، فإنْ بَلَغَ


(١٠) في م: "فعصبت الأخرى".
(١١) في م: "يبصر".
(١٢) في الأصل: "يفعل".
(١٣) في م: "فوجده".
(١٤) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في نقص البصر، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٨٧.
(١٥) في ب، م: "يبصر".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) في م: "إذا حولتا".
(١٨) في م: "أعمشتا".
(١٩) في ب: "الحكومة".

<<  <  ج: ص:  >  >>