للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّضالُ؛ لأنَّ ما جازَ أن يكونَ حالًّا ومُؤجَّلًا، جازَ أَنْ يكونَ بعضُه حالًّا وبعضُه مُؤجَّلًا، كالثَّمَنِ، غيرَ أنَّه يُحْتاجُ إلى صِفَةِ الحِنْطَةِ بما تَصِيرُ به مَعْلُومَةً.

فصل: فإنْ شرطَ أَنْ يُطْعِمَ السَّبَقَ أصْحابَه، فالشَّرْطُ فاسِدٌ؛ لأنَّه عِوَضٌ على (١٠) عملٍ، فلا يَسْتَحِقُّه غيرُ العامِل، كالعِوَضِ فى رَدِّ الآبِقِ، ولا يفْسُدُ العقدُ. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال الشافِعِىُّ: يفْسُدُ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لا تَقِفُ صحَّتُه على تَسْمِيَةِ بَدَلٍ، فلم يفْسُدْ بالشَّرطِ الفاسِدِ، كالنِّكاحِ. وذكرَ القاضِى أَنَّ الشُّروطَ الفاسِدَةَ فى المُسابَقَةِ تنْقَسِمُ قِسْمَيْن؛ أحدُهما، ما يُخِلُّ بشَرْطِ (١١) صِحَّةِ العَقْدِ، نحو أَنْ يَعودَ إلى جَهالَةِ العِوَضِ، أو المسافَةِ، ونحوِهما، فيفْسُدُ العقدُ؛ لأنَّ العقدَ لا يصِحُّ مع فَواتِ شَرْطِه. والثانى، ما لا يُخِلُّ بشَرْطِ (١١) العقدِ، نحو أَنْ يشترطَ أَنْ يُطْعِمَ السبق أصْحابَه أو غيرَهم، أو يَشْرُطَ (١٢) أنَّه إذا نَضَلَ لا يَرْمِى أبدًا، أو لا يَرْمِى شهرًا، أو شَرَطَا أَنَّ لكلِّ واحِدٍ منهما أو لأَحَدِهما فسْخَ العَقْدِ متَى شاء بعدَ الشُّروعِ فى العمَلِ، وأشْباه هذا، فهذه شُروطٌ باطِلَةٌ فى نَفسِها، وفى العَقْدِ المُقْتَرِنِ بها وَجْهان؛ أحدُهما، صِحَّتُه؛ لأنَّ العقدَ تَمَّ بأركْانِه وشُروطِه، فإذا حُذِفَ الزَّائِدُ الفاسِدُ، بَقِىَ العَقْدُ صحيحًا. والثانى، يبطُلُ؛ لأنَّه بَذَلَ العِوَضَ لهذا الغَرَضِ، فإذا لم يحْصُلْ له غرَضُه لا يَلْزَمُه العِوَضُ. كلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَت المُسابَقَةُ، فإنْ كان السَّابِقُ المُخْرِجَ، امْسَكَ سَبَقَه، وإن كان الآخرَ، فله أجْرُ عمَلِه؛ لأنَّه عملٌ بعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، فاسْتحَقَّ أجْرَ المِثْلِ، كالإِجارَةِ الفاسِدَةِ.

فصل: وإذا كان الْمُخْرِجُ غيرَ المُتسابقَيْن، فقال لهما أو لجماعَةٍ: أيُّكُم سَبَقَ فله عشرةٌ. جازَ؛ لأنَّ [كُلَّ واحدٍ منهما] (١٣) يطْلبُ أَنْ يكونَ سابِقًا، فأيُّهم سَبَقَ، اسْتَحَقَّ العشرةَ، وإِنْ جاءُوا جميعًا، فلا شىءَ لواحدٍ منهم؛ لأنَّه لا سابِقَ فيهم. وإِنْ قال لاثْنَيْنِ: أيّكما سَبَقَ فلَه عشرة، وأيُّكما صَلَّى فلَه عشرة. لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا فائِدَةَ فى طلبِ السبقِ، فلا يحْرِصُ عليه، لعَدَمِ فائِدَتِه فيه. وإِنْ قال: ومَنْ صَلَّى فلَه خمسةٌ، صَحَّ؛ لأنَّ كلَّ


(١٠) فى ب: "عن".
(١١) فى ب: "شرطه".
(١٢) فى ب، م: "يشترط".
(١٣) فى م: "كلا منهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>