للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعُ بالثَّمَنِ. وإن أقَامَ البائِعُ بَيِّنَةً، إذا كان هو المُقِرَّ نَظَرْنَا؛ فإن كان في حالِ البَيْعِ قال: بِعْتُكَ عَبْدِى هذا أو مِلْكِى هذا (٥٥). لم تُقْبَلْ بَيِّنَتُه؛ لأنَّه يُكَذِّبُها وتُكَذِّبُه، وإن لم يكن قال ذلك، قُبِلَتْ؛ لأنَّه يَبِيعُ مِلْكَه وغيرَ مِلْكِه. وإن أقَامَ المُدَّعِى البَيِّنَةَ، سُمِعَتْ، ولا تُقْبَلُ شَهَادَةُ البائِعِ له؛ لأنَّه يَجُرُّ بها إلى نَفْسِه نَفْعًا. وإن أنْكَرَاهُ جَمِيعًا، فله إِحْلَافُهُما إن لم تكُنْ له بَيِّنَةٌ. قال أحمدُ، في رَجُلٍ يَجِدُ سَرِقَتَهُ بِعَيْنِها عندَ إِنْسَانٍ، قال: هو مِلْكُه، يَأْخُذُهُ، أَذْهَبُ إلى حَدِيثِ سَمُرَةَ، عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ، ويَتْبَعُ المُبْتَاعُ مَنْ بَاعَهُ" (٥٦). رَوَاهُ هشيم (٥٧)، عن موسى بن السَّائِبِ، عن قَتادَةَ، عن الحَسَنِ، عن سَمُرَةَ، وموسى بن السّائِبِ ثِقَةٌ.

فصل: وإن كان المُشْتَرِى أَعْتَقَ العَبْدَ، فأَقَرَّا جَمِيعًا، لم يُقْبَلْ ذلك، وكان العَبْدُ حُرًّا؛ لأنَّه قد تَعَلَّقَ به حَقٌّ لِغَيْرِهِما، فإن وافَقَهُما العَبْدُ، فقال القاضي: لا يُقْبَلُ أيضًا؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ يَتَعَلَّقُ بها حَقُّ اللهِ تعالى، ولهذا لو شَهِدَ شاهِدَانِ بالعِتْقِ، مع اتِّفَاقِ السَّيِّدَ والعَبْدِ على الرِّقِّ، سُمِعَتْ شَهَادَتُهُما، ولو قال رَجُلٌ: أنا حُرٌّ. ثم أقَرَّ بالرِّقِّ، لم يُقْبَلْ إِقْرَارُه. وهذا مذهبُ الشّافِعِيِّ. ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ العِتْقُ إذا اتَّفَقُوا كُلُّهم، ويَعُودُ العَبْدُ إلى المُدَّعِى؛ لأنَّه مَجْهُولُ النَّسَبِ، أقَرَّ بالرِّقِّ لمن يَدَّعِيه، فصَحَّ، كما لو لم يَعْتِقْهُ المُشْتَرِى. ومتى حَكَمْنا بالحُرِّيّةِ، فلِلْمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهما شَاءَ قِيمَتَهُ يومَ عِتْقِه، ثم إن ضَمَّنَ البائِعَ، رَجَعَ على المُشْتَرِى؛ لأنَّه أَتْلَفَه، وإن رَجَعَ على المُشْتَرِى، لم يَرْجِعْ على البائِعِ إلَّا بالثَّمَنِ؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ منه، فاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عليه. وإن ماتَ العَبْدُ وخَلَفَ مالًا، فهو لِلمُدَّعِى؛ لِاتِّفَاقِهِمْ على أنَّه له. وإنَّما مَنَعْنَا رَدَّ العَبْدِ إليه، لِتَعَلُّقِ حَقِّ (٥٨) الحُرِّيّةِ به، إلَّا أن يَخْلُفَ وَارِثًا فيَأْخُذَه، ولا يَثْبُتُ الوَلَاءُ عليه لأحَدٍ؛ لأنَّه لا


(٥٥) سقط من: الأصل، م.
(٥٦) تقدم تخريجه في: ٦/ ٥٧٩. ويضاف إليه: كما أخرجه النسائي، في: باب الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٧٦.
(٥٧) في ب: "هاشم". خطأ، وانظر مواضع التخريج.
(٥٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>