للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكْلَ فى الصَّوْمِ، فلم يَلْزَمْه القَضاءُ، كالنَّاسِى. ولَنا، أنَّه أكَلَ مُخْتَارًا، ذَاكِرًا لِلصومِ، فأفْطَرَ، كما لو أكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ، ولأنَّه جَهْلٌ بِوَقْتِ الصِّيامِ، فلم يُعْذَرْ به، كالجَهْلِ بِأَوَّلِ رمضانَ، ولأنَّه يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه (٤)، فأشْبَهَ أكْلَ العامِدِ، وفَارَقَ النَّاسِىَ، فإنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وأمَّا الخَبَرُ، فرَوَاهُ الأثْرَمُ، أنَّ عمرَ قال: مَنْ أَكَلَ فَلْيَقْضِ يَوْمًا مَكَانَه. ورَوَاهُ مالِكٌ فى "المُوَطَّأِ" (٥)، أن عمرَ قال: الخَطْبُ يَسِيرٌ. يَعْنِى خِفَّةَ القَضاءِ. ورَوَى هِشامُ بن عُرْوَةَ، عن فاطِمةَ امْرَأتِه، عن أسماءَ قالتْ: أفْطَرْنَا على عَهْدِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى يَوْمٍ غَيْمٍ، ثم طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قِيلَ لهِشامٍ: أُمِرُوا بالقَضَاءِ؟ قال (٦): بُدٌّ من قَضاءٍ؟ أخْرَجَهُ البُخَارِىُّ (٧).

فصل: وإن أكَلَ شَاكًّا فى طُلُوعِ الفَجْرِ، ولم يَتَبَيَّن الأمْرَ، فليس عليه قَضاءٌ، وله الأَكْلُ حتى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَ الفَجْرِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهذا (٨) قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، وعَطَاءٍ، والأوْزاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وأصحابِ الرَّأْى. ورُوِىَ مَعْنَى ذلك عن أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابْنِ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنهم. وقال مَالِكٌ: يَجِبُ القَضاءُ؛ لأنَّ الأصْل بَقاءُ الصَّوْمِ فى ذِمَّتِه، فلا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ، ولأنَّه أكَلَ شَاكًّا فى النَّهارِ واللَّيْلِ، فلَزِمَهُ


(٤) سقط من: ب، م.
(٥) فى: باب ما جاء فى قضاء رمضان والكفارات، من كتاب الصيام. الموطأ ١/ ٣٠٣.
(٦) فى ب، م زيادة: "لا".
والمعنى: أى هل بد من قضاء. فحرف الاستفهام مقدر. وفى رواية أبى ذر لصحيح البخارى لا بد من قضاء. عون المعبود ٢/ ٢٧٩.
(٧) فى: باب إذا أفطر فى رمضان ثم طلعت الشمس، من كتاب الصوم. صحيح البخارى ٣/ ٤٧. كما أخرجه أبو داود، فى: باب الفطر قبل غروب الشمس، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٥١. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى من أفطر ناسيا، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٣٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٤٦.
(٨) فى ب، م: "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>