للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بواجِبٍ؛ لأنه جعلَ تَرْكَهُ مَكْرُوهًا. وهذا قولُ أبي حَنِيفة والشافعىِّ؛ لأنَّهُ دُعَاءٌ إلى الصلاةِ، فأشْبَهَ قولَه: الصلاةَ جامِعَةً. وقالَ أبو بكر (٣) عبد العزيز: هو من فُرُوضِ الكِفَايَاتِ. وهذا قولُ أكثرِ أصحابِنَا، وقولُ بعضِ أصحابِ مالكٍ. وقالَ عطاءٌ، ومُجَاهِدٌ، والأوْزَاعِىُّ: هو فَرْضٌ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ بهِ مالكًا وصاحبَه، وداوَمَ عليهِ هو وخُلَفَاؤُهُ وأصحابُه، والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبُ، ومُدَاوَمَتُهُ على فِعْلِهِ دليلٌ على وُجُوبِهِ، ولأنه من شَعَائِرِ الإِسْلَامِ الظاهرةِ، فكانَ فرضًا كالجهادِ. فعلى قولِ أصحابِنَا؛ إذا قامَ بهِ مَنْ تَحْصُلُ بهِ الكفَايَةُ سَقَطَ عن البَاقِينَ؛ لأنَّ بلالًا كان يُؤَذِّنُ للنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيَكْتَفِى بهِ. وإنْ صلَّى مُصَلٍّ بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ، فالصلاةُ صحيحةٌ على القَوْلَيْن؛ لِمَا رُوِىَ عن عَلْقَمَةَ والأسْوَدِ، أنَّهما (٤) قالا: دخَلْنَا على عبدِ اللهِ، فصلَّى بنا (٥)، بلا أذانِ والا إقامةٍ. رَوَاهُ الأثرَمُ. ولا أعْلَمُ أحدًا خالَفَ في ذلك إلا عَطاء، قال: مَنْ (٦) نَسِىَ الإِقامةَ يُعِيدُ. والأوزاعِىُّ قال مَرَّةً: يُعِيدُ ما دامَ في الوقتِ، فإنْ مَضَى الوقتُ فلا إعادةَ عليه. وهذا شُذُوذٌ، والصَّحِيحُ قولُ الجُمْهُورِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاه (٧)، ولِأنّ الإِقامةَ أحدُ الأذانَيْنِ، فلَم تَفْسُد الصلاةُ بِتَرْكِها، كالآخَرِ.

فصل: ومَنْ أوْجَبَ الأذانَ مِنْ أصحابِنَا فإنَّما أوْجَبهُ على أهْلِ المِصْرِ. كذلكَ قال القاضِى: لا يجِبُ على أهْلِ غيرِ المِصْرِ مِنَ المسافِرِين. وقال مالكٌ: إنَّما


= خبر الواحد. . .، من كتاب الآحاد. صحيح البخاري ١/ ١٦٢، ١٧٥، ٢٠٧، ٢٠٨، ٤/ ٣٣، ٨/ ١١، ٩/ ١٠٧: ومسلم، في: باب من أحق بالإِمامة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٤٦٥، ٤٦٦. والنسائي، في: باب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، من كتاب الأذان. المجتبى ٢/ ٨، ٩. وابن ماجه، في: باب من أحق بالإِمامة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣١٣. والدارمي، في: باب من أحق بالإِمامة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٢٨٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٣٦، ٥/ ٥٣.
(٣) في النسخ زيادة: "بن" وهو خطأ. وهو غلام الخلال، تقدم في ١/ ١٦٨.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: م.
(٦) في م: "ومن".
(٧) في م: "ذكرنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>