للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زادَ، لم يَثْبُتِ الحكمُ بهذه الزِّيادَةِ، بدليلِ ما لو مَلَكَها وهى حامِلٌ من زِنًى منه، أو من غيرِه، فوَطِئَها، لم تَصِرْ أُمَّ ولدٍ، وإِنْ زادَ الولدُ به، ولأنَّ حكمَ الاسْتِيلادِ إنَّما يثْبُتُ بالإِجْماعِ لى حقِّ مَن حَمَلَتْ منه فى مِلْكِه، وما عَداهُ ليس فى مَعْناهُ، وليس فيه نَصٌّ، ولا إجْماعٌ، فوجَبَ أَنْ لا يثْبُتَ هذا الحكمُ، ولأَنَّ الأَصْلَ الرِّقُّ، فيَبْقَى على ما كان عليه.

فصل: قال أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى مَن اشْتَرَى جارِيَةً حامِلًا مِن غيرِه، فوَطِئَها قبلَ وَضْعِها: فإِنَّ الولدَ لا يَلْحَقُ بالمُشْتَرِى، ولا يَبِيعُه، ولكنْ يَعْتِقُه؛ لأَنَّه قد شَرَكَ فيه؛ لأَنَّ الماءَ يَزِيدُ فى الولدِ. وقد رُوِىَ عن أبى الدَّرْداءِ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه مَرَّ بامْرَأَةٍ مُجِحٍّ (١٠)، على بابِ فُسْطاطٍ، فقال: "لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا؟ ". قالوا: نَعَم. فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ فِى قَبْرِهِ، كَيْفَ يَرِثُهُ (١١) وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ! أمْ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ! ". روَاه أبو داودَ (١٢). يعنى إن اسْتَلْحَقَه وشَركِهِ فى ميراثِه، لم يَحِلَّ له؛ لأَنَّه ليس بولدِه، فإِنَّ اتَّخَذَه مَمْلوكًا يَسْتَخْدِمُه، لم يَحِلَّ له؛ لأَنَّه قد شَرِكَ فيه؛ لكَوْنِ الماءِ يَزِيدُ فى الولدِ.

فصل: وإذا وَطِئَ الرجلُ جارِيةَ ولدِه، فإِن كان قد قَبَضَها، وتَمَلَّكَها (١٣)، ولم يكُن الولدُ وَطِئَها، ولا تَعَلَّقَت بها حاجَتُه، فقد مَلَكَها الأَبُ بذلك، وصارَتْ جارِيَتَه، والحكمُ فيها كالحُكْمِ فى جارَيَتِه التى مَلَكَها بالشِّراءِ (١٤). وإِنْ وَطِئَها قبل تَملُّكِها، فقد فعلَ مُحَرَّمًا؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (١٥). وهذه ليستْ زَوْجًا له، ولا مِلْكَ يَمِينِه. فإنْ قيلَ: فقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ" (١٦).


(١٠) المجح: هى الحامل المُقْرب التى عظم بطنها.
(١١) فى أ، ب، م: "يرثونه".
(١٢) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٢٨١.
(١٣) فى ب: "وملكها".
(١٤) فى الأصل: "المشترى".
(١٥) سورة المؤمنون ٥ - ٧.
(١٦) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>