للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكونُ أُمَّ ولدٍ، حتَّى تُحْدِثَ عندَه حَمْلًا. ورَوَى عنه ابنُه صالحٌ، قال: سألتُ أبى عن الرجلِ يَنْكِحُ الأَمَةَ، فتَلِدُ منه، ثمَّ يَبْتاعُها. قال؛ لا تكونُ أُمَّ ولدٍ له. قُلْتُ: فإِنْ اسْتَبْرَأَهَا، وهى حامِلٌ منه. قال: إذا كان الوَطْءُ يَزِيدُ فى الولدِ، وكان يطَؤُها بعدَ (٣) ما اشتَرَاها، وهى حامِلٌ منه (٤)، كانتْ أُمَّ ولدٍ له. قال ابنُ حامِد: إِنْ وَطِئَها فى ابْتداءِ حَمْلِها، أو تَوَسُّطِه، [صارتْ له] (٥) بذلك أُمَّ ولدٍ له؛ لأَنَّ الماءَ يَزِيدُ فى سَمْعِ الولدِ وبَصَرِه. وقال القاضى: إِنْ مَلَكَها حامِلًا، فلم يَطَأْها حتَّى وَضَعَت، لم تَصِرْ أُمَّ ولدٍ (٦)، وإِنْ وَطِئَها حالَ حَمْلِها، نَظَرْنا؛ فإنْ كان بعدَ أَنْ كَمَلَ الولدُ، وصارَ له خَمْسَةُ أَشْهُرٍ، لم تَصِرْ بذلك (٧) أُمَّ ولدٍ. وإِنْ (٨) وَطِئَها قبل ذلك، صارَتْ له بذلك أُمَّ ولدٍ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: أَبَعْدَما اخْتَلَطَتْ دِماؤُكُم ودماؤُهُنَّ، ولُحومُكُم ولُحومُهنَّ، بعْتُمُوهُن (٩)! فعلَّلَ بالمُخالَطَةِ، والمُخالَطَةُ ههُنا حاصِلَةٌ؛ لأنَّ الماءَ يَزيدُ فى الولدِ، ولأنَّ لحُرِّيَّةِ البَعْضِ أثَرًا فى تَحْريرِ الجميعِ، بدليلِ ما إذا أعْتَقَ أحَدُ الشَّرِيكَيْن نَصِيبَه من العبدِ. وقال أبو الخَطَّاب: إِنْ وَطِئَها بعدَ الشِّراءِ، فهى أمُّ ولدٍ. وكلامُ الْخِرَقِىِّ يَقْتَضِى أنَّها لا تكونُ أُمَّ ولدٍ، إِلَّا أَنْ تحْبَلَ منه فى مِلْكِه. وهو الذى نَصَّ عليه أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى روايةِ إسحاقَ بنِ منصورٍ، فقال: لا تكونُ أُمَّ ولدٍ حَتّى تُحْدِثَ عندَه حَمْلًا؛ لأَنَّها لم تَعْلَقْ منه بحُرٍّ، فلم يثْبُتْ لها حكمُ الاسْتيلادِ، كما لو زَنَى بها ثم اشْتراها. يحقِّقُ هذا، أَنَّ حَمْلَها منه ممَّا أفادَ الحُرِّيَّةَ لولَدِه، فلَأَنْ لا يُفيدَها الحُرِّيَّةَ أوْلَى. ويفارِقُ هذا ما إذا حَمَلَت منه فى مِلْكِه؛ فإِنَّ الولدَ حُرٌّ، فيَتَحَرَّرُ بتَحْرِيرِه. وما ذَكَرُوه مِن زيادَةِ الولدِ بالوَطْءِ، غيرُ مُتَيَقَّنِ؛ فإِنَّ هذا الولدَ يحتملُ أنَّه زادَ، ويَحْتَمِلُ أنَّه لم يَزِدْ، فلا يثْبُتُ الحكمُ بالشَّكِّ، ولو ثَبَتَ أنَّه


(٣) فى ب زيادة: "ذلك".
(٤) سقط من: الأصل، ب.
(٥) فى م: "كانت".
(٦) فى م زيادة: "له".
(٧) فى م: "به".
(٨) فى م زيادة: "كان".
(٩) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب ما يعتقها السقط، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٢٩٦، ٢٩٧. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>