للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَمَوَّلُ، أشْبَهَ الماءَ. والثاني، فيه القَطْعُ؛ لأنَّه يُتَمَوَّلُ عادةً، ويُحْمَلُ إلى البُلدَانِ للتِّجَارَةِ فيه، فأشْبَهَ العُودَ الهِنْدِىَّ. ولا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ السِّرْجِينِ (٤٥)؛ لأنَّه إن كان نَجِسًا فلا قِيمَةَ له، وإن كان طاهرًا، فلا يُتَمَوَّلُ عادَةً، ولا تَكْثُرُ الرَّغَبَاتُ فيه، فأشْبَهَ التُّرَابَ الذي للبِنَاءِ، وما عُمِلَ من التُّرَابِ كاللَّبِنِ والفَخَّارِ، ففيه القَطْعُ؛ لأنَّه يُتَمَوَّلُ عادَةً.

فصل: وما عدا هذا من الأمْوالِ، ففيه القَطْعُ، سواءٌ كان طَعامًا، أو ثِيابًا، أو حيوانًا، أو أحْجارًا، أو قَصَبًا، أو صَيْدًا، أو نُورَةً، أو جِصًّا، أو زِرْنِيخًا، أو تَوابِلَ، أو فَخَّارًا، أو زُجَاجًا، أو غيرَه. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا قَطْعَ على سَارِقِ الطَّعامِ الرَّطْبِ الذي يتَسارَعُ إليه الفسادُ، كالفَواكِهِ، والطَّبَائِخ؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولا كَثَرٍ" (٤٦). روَاه أبو داودَ (٤٧). ولأنَّ هذا مُعَرَّضٌ للهلاكِ، أشْبَهَ ما لم يُحْرَزْ (٤٨). ولا قَطْعَ فيما كان أصلُه مُباحًا في دارِ الإِسلامِ، كالصُّيُودِ، والخَشَبِ، إلَّا في السَّاجِ، والآبِنُوسِ، والصَّنْدَلِ، والقَنَا، والمعمُولِ من الخَشَبِ، فإنَّه يُقْطَعُ به. وما عَدَا هذا لا يُقْطَعُ به؛ لأنَّه يُوجَدُ كَثيرًا مُباحًا في دارِ الإِسلامِ، فأشْبَهَ التُّرابَ. ولا قَطْعَ في القُرُونِ، وإن كانتْ معمولةً؛ لأنَّ الصَّنْعَةَ لا تكونُ غالِبَةً عليها، بل القِيمةُ لها، بخلافِ مَعْمُولِ الخشَبِ. ولا قَطْعَ عنده في التَّوابِلِ، والنُّورَةِ، والجِصِّ، والزِّرْنِيخِ، والملحِ، والحجارَةِ، واللَّبِنِ، والفَخَّارِ، والزُّجَاجِ. وقال الثورىُّ: ما يَفْسُدُ في يَوْمِه، كالثَّرِيدِ واللَّحْمِ، لا قَطْعَ فيه. ولَنا، عُمومُ قولِه تعالى:


(٤٥) السرجين: الزبل.
(٤٦) الكثر: بالتسكين ويحرَّك: جُمَّار النخل أو طلعها.
(٤٧) في: باب ما لا قطع فيه، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٩.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر، من أبواب السرقة. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٢٩، ٢٣٠ والنسائي، في: باب ما لا قطع فيه، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٨٠، ٨١. وابن ماجه، في: باب لا يقطع في ثمر ولا كثر، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٦٥. والدارمى، في: باب ما لا يقطع فيه من الثمار، من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٧٤. والإِمام مالك، في: باب ما لا قطع فيه، من كتاب الحدود. الموطأ ٢/ ٨٣٩. والإِمام أحمد في: المسند ٣/ ٤٦٤، ٤/ ١٤٠، ١٤٢.
(٤٨) في الأصل: "يتحرز".

<<  <  ج: ص:  >  >>