للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَرَبِىِّ يكونُ حُرًّا، وعلى أبِيه فِداؤُه. فعلَى هذا تكونُ نفَقَتُهم عليه. ولو أعْتَقَ الوَلدَ سَيِّدُه، أو عَلَّقَ عِتْقَه بوِلادتِهِ (٣)، أو تزَوَّجَ الأمَةَ على أنَّها حُرَّةٌ، فولَدُه منها أحرارٌ، وعلى أبِيهم نفقَتُهم في هذه المواضِعِ كلِّها، إذا كان حُرًّا، وتحَقَّقَتْ فيه شَرائطُ الإِنْفاقِ.

فصل: وإذا (٤) طَلَّقَ الأمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فلها النَّفقةُ في العِدَّةِ؛ لأنَّها زوجةٌ. وإن أبَانَها وهى حائِلٌ، فلا نفقةَ لها؛ لأنَّها لو كانت حُرَّةً، لم يكُنْ لها نفقةٌ، فالأمَةُ أوْلَى، وإن كانت حاملًا، فلها النَّفقةُ؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٥). نَصَّ على هذا أحمدُ. وبه قال إسْحاقُ. وقد رُوِيَتْ (٦) عن أبي عبدِ اللَّه، رَحِمَه اللَّه، في نفَقةِ الحاملِ (٧)، هل هي للحَمْلِ أو للحامِلِ بسَبَبِه؟ روايتان؛ إحْداهما، هي للحَمْلِ. فعلَى هذا لا تجبُ للمَمْلوكَةِ الحاملِ البائنِ نَفقةٌ؛ لأنَّ الحَمْلَ مَمْلُوكٌ لسَيِّدِها، فنفَقَتُه عليه. وللشافعيِّ في هذا قَوْلان، كالرِّوايتَيْنِ.

فصل: وإن طَلَّقَ العَبْدُ زَوْجَتَه الحامِلَ طَلاقًا بائِنًا، انْبَنَى على وُجُوبِ النَّفقةِ، على الرِّوايتَيْن في النَّفقةِ، هل هي للحَمْلِ أو للحاملِ؟ فإن قُلْنا: هي للحَمْلِ. فلا نَفَقةَ على العَبْدِ. وبه قال مالكٌ. ورُوِىَ ذلك عن الشَّعْبِيِّ؛ لأنَّه لا تجبُ عليه نفقةُ ولَدِه. وإن قُلْنا: هي للحاملِ بسَبَبِه. وجَبَتْ لها النَّفقةُ. وهذا قولُ الأوْزَاعيِّ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. ولأنَّها حامِلٌ، فوَجَبَتْ لها النَّفقةُ، كما لو كان زَوْجُها حُرًّا.

فصل: والمُعْتَقُ بعضُه، عليه مِن نَفَقَةِ امْرَأتِه بقَدْرِ ما فيه من الحُرِّيَّةِ، وباقِيها على سَيِّدِه، أو في ضَرِيبَتِه، أو في رَقَبَتِه، على ما ذكَرْنا في العَبْدِ. والقَدْرُ الذي يجبُ عليه بالحُرِّيَّةِ، يُعْتَبَرُ فيه حالُه؛ إن كان مُوسِرًا فنفَقةُ المُوسِرِينَ، وإن كان مُعْسِرًا فنفقةُ


(٣) في ب، م: "بولادة".
(٤) في ب: "وإن".
(٥) سورة الطلاق ٦.
(٦) في م: "روى".
(٧) جاء في م هنا: "روايتان". وهى الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>