للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ؛ فَإنَّ ثالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" (١٤). وإن امْتَنعَ من إسْكانِها، وكانت ممَّن لها عليه السُّكْنَى، أجْبَرَه الحاكمُ، فإن كان الحاكمُ مَعْدُومًا، رَجَعَتْ على الزَّوْجِ، وإن كان الحاكمُ موجودًا، فهل تَرْجِعُ؟ على رِوايتَيْنِ. وإن كان الزَّوجُ حَاضِرًا، ولم يَمْنَعْها من المَسْكنِ، فاكْتَرَتْ لِنَفْسِها مَوْضِعًا، أو سَكَنَتْ في موضعٍ تَمْلِكُه، لم تَرْجِعْ بالأُجْرةِ؛ لأنَّها تَبَرَّعَتْ بذلك، فلم ترجِعْ به على أحدٍ. وإن عَجَزَ الزَّوجُ عن إسْكانِها؛ لِعُسْرَتِه، أو غَيْبَتِه، أو امْتَنَعَ من ذلك مع قُدْرَتِه، سَكَنَتْ حيثُ شاءتْ. وكذلك المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها، إذا لم يُسْكِنْها وَرَثَتُه؛ لأنَّه إنَّما تَلْزَمُها السُّكْنَى في مَنْزِله لتَحْصِينِ مائِه، فإذا لم تَفْعَلْ، لم يَلْزَمْها ذلك.

١٣٦٥ - مسألة؛ قال: (وَإذَا خَرَجَتْ إلَى الْحَجِّ، فتُوُفِّىَ عَنْهَا (١) زَوْجُها، وَهِىَ بالْقُرْبِ، رَجَعَتْ لِتَقْضِىَ الْعِدَّةَ، فَإنْ كَانَتْ قَدْ تَبَاعَدَتْ، مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، فَإنْ رَجَعَتْ وَقَدْ بَقِىَ عَلَيْهَا (٢) مِنْ عِدَّتِها شيْءٌ، أتَتْ بِهِ في مَنْزِلِها) (٣)

وجملتُه أنَّ الْمُعْتَدَّةَ من الوفاةِ ليس لها أن تَخْرُجَ إلى الحَجِّ، ولا إلى (٤) غيرِه. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعثمانَ، رَضِىَ اللَّه عنهما. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والقاسمُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، والثَّوْرِيُّ. وإن خَرَجَتْ، فمات زَوْجُها في الطَّريقِ، رَجَعَتْ إن كانت قَرِيبةً؛ لأنَّها في حُكْمِ الإِقامةِ، وإن تباعَدَتْ، مَضَتْ في سَفَرِها. وقال مالكٌ: تُرَدُّ ما لم تُحْرِمْ. والصَّحِيحُ أنَّ البعيدةَ لا تُرَدُّ؛ لأنَّه يَضُرُّ بها، وعليها مَشَقَّةٌ، ولا بُدَّ لها (٥) من سَفَرٍ وإن رَجَعَتْ. قال القاضي: يَنْبَغِى أن يُحَدَّ القَرِيبُ


(١٤) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في لزوم الجماعة، من كتاب الفتن. عارضة الأحوذى ٩/ ٩. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ١٨، ٢٦، ٣/ ٣٣٩, ٤٤٦.
(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: ب، م.
(٣) في أ، ب: "منزله".
(٤) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٥) في الأصل، أ: "بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>