للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أنَّها يَمِينٌ واحدةٌ من وَجْهَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّه وحَّد (١٢) اليَمِينَ، فيَنْصَرِفُ إلى واحدةٍ. والثاني، أنَّه لمْ يُفرِّقْ في (١٣) اليَمِينِ المشْروعةِ، فيَدُلُّ على التَّسْوِيَةِ بين المَشْروعةِ في الدَّمِ والمالِ، ولأنَّها يَميِنٌ يَعْضُدُها الظاهرُ والأصْلُ، فلمْ تُغَلَّظْ، كسائرِ الأيْمانِ، ولأنَّها يَمِينٌ مَشْروعةٌ في جَنَبةِ المدَّعَى عليه ابْتِدَاءً، فلم تُغَلَّظْ بالتَّكْريرِ، كسائرِ الأيْمانِ، وبهذا فارقَ ما ذكَرُوه. فإنْ نَكَلَ المُدَّعَى عليه عنِ اليَمِينِ، لم يجب القِصاصُ، بغيرِ خلافٍ في المذهبِ. وقال أصحابُ الشَّافعيِّ: إنْ نَكَلَ المُدَّعَى عليه، رُدَّتِ اليَمِينُ على المُدَّعِى، فحلَفَ خمسينَ يَمِينًا، واسْتَحَقَّ القِصاصَ إنْ كانتِ الدَّعْوَى عَمْدًا، والدِّيةَ (١٤) إنْ كانتْ مُوجَبًا (١٥) للقَتْلِ؛ لأنَّ يَمِينَ المُدَّعِي مع نُكُولِ المُدَّعَى عليه كالبَيِّنَةِ أو الإِقْرارِ، والقصاصُ يجبُ بكلِّ واحدٍ منهما. ولَنا، أنَّ القَتلَ لم يثْبُتْ ببَيِّنَةٍ ولا إقْرارٍ، ولم يَعْضُدْه لَوْثٌ، فلم يَجب القِصاصُ، كما لو لمْ يَنْكُلْ، ولا يَصحُّ إلْحاقُ الأيْمانِ مع النُّكُولِ ببَيِّنَةٍ ولا إقْرارٍ؛ لأنَّها أضْعَفُ منها، بدليلِ أنَّه لا يُشْرَعُ إلَّا عنَد عَدَمِهما، فيكونُ بَدلًا عنهما، والبدلُ أضْعَفُ من المُبْدَلِ، ولا يَلْزَمُ من ثُبوتِ الحُكْم بالأقْوَى، ثُبوتُه بالأضْعَفِ، ولا يَلْزَمُ من وُجوبِ الدِّيَةِ، وُجوبُ القصاصِ؛ لأنَّه لَا يَثْبُتُ بشهادةِ النِّساءِ مع الرِّجالِ، ولا بالشَّاهدِ (١٦) واليَمِينِ، ويُحْتَاطُ له، ويُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، والدِّيَةُ بخلافِه. فأمّا الدِّيَةُ فتَثْبُتُ بالنُّكُولِ عنَد من يُثْبِتُ المالَ به، أو تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِى، فيَحْلِفُ يَمِينًا واحدةً، ويَسْتَحِقُّها، كما لو كانت الدَّعْوَى في مالٍ، واللهُ أعلمُ.

١٥٢١ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَلَوْثٌ، فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى وَاحِدٍ، حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى قَاتِلِهِ خَمْسِيْنَ يَمِيْنًا، وَاسْتَحَقُّوا دَمَهُ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى عَمْدًا)

الكلامُ في هذه المسألَةِ في فصولٍ أربعةٍ:


(١٢) في ب زيادة: "في".
(١٣) في الأصل: "بين".
(١٤) في م: "أو الدية".
(١٥) في م: "موجبة".
(١٦) في ب: "بالشهادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>