للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوَّلُ: في اللَّوثِ المُشْتَرَطِ في القَسَامَةِ، واخْتَلَفَتِ الرِّوَايةُ عَنْ أحمدَ فيه، فَرُوِيَ عنه أنَّ اللَّوْثَ هو العَداوَةُ الظَّاهِرَةُ بينَ المقْتُولِ والمدَّعَى عليه، كَنَحْوِ ما بينَ الأنصارِ ويهودِ خَيْبَرَ، وما بينَ القبائل، والأَحْياءِ، وأَهْلِ القُرَى الذين بينَهمُ الدِّماءُ وَالحُروبُ، وما بين [أهْلِ البَغْي و] (١) أهْل العَدْلِ، وما بينَ الشُّرَطَةِ واللُّصُوصِ، وَكُلِّ مَن بَيْنَه وبينَ المقْتُولِ ضِغْنٌ يَغْلِبُ على الظَّنِ أنَّه قَتَلَه. نقل مُهَنَّا عن أحمدَ، في مَن وُجِدَ قَتِيلًا في الْمَسْجدِ الحرامِ، يُنْظَرُ مَن بينه وبينه في حياتِهِ شيءٌ. يعني ضِغْنًا يُؤْخَذُون به. ولم يَذْكُرِ القاضي في اللَّوْثِ غَيرَ الْعَداوَةِ، إلَّا أنَّه قد (٢) قال في الفَرِيقَيْنِ يَقْتَتِلَانِ؛ فينْكَشِفُون عن قتيلٍ، فَاللَّوْثُ على الطَّائِفَةِ [التي القَتِيلُ من غيرِها، سواءٌ كان القَتْلَى بالْتِحَامٍ، أو مُراماةً بالسِّهامِ، وإن لم تبْلُغِ السِّهامُ، فاللَّوْثُ] (٣) على طائفةِ القَتيلِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا يُشْتَرَطُ مع العدَاوةِ أنْ لا يكونَ في المَوْضِعِ الذي به القتيلُ غيرُ العَدُوِّ. نَصَّ عليه أحمدُ، في روايةِ مُهَنَّا التي ذَكَرْناها. وكَلامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عليه أيضًا. واشْتَرَطَ القاضي أنْ (٤) يُوجَدَ القتيلُ في مَوْضِع عَدُوٍّ لا يخْتَلِطُ بهم غيرُهم. وهذا مذْهبُ الشَّافِعيِّ؛ لأنَّ الأنْصارِيَّ قُتِلَ [في خَيْبَرَ] (٥) ولم يكُنْ فيها إلَّا اليهودُ، وجميعُهم أعداءٌ. ولأنَّه مَتى اخْتلَطَ بهم غيرُهم، احْتَمَلَ أنْ يكونَ القاتلُ ذلك الغَيْرَ. ثم ناقَضَ القاضي قولَه، فقال في قومٍ ازْدَحَمُوا في مَضِيقٍ، فافْتَرقُوا عن قَتيلٍ: إنْ كان في القومِ مَنْ بينَه وبَيْنَه (٦) عداوةٌ، وأمْكَنَ أَنْ يكونَ هو قَتَلَه؛ لكَوْنِه بقُرْبِه، فهو لَوْثٌ. فجعلَ العَداوةَ لَوْثًا مع وجُودِ غيرِ العَدُوِّ. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَسْأَلِ الأنْصارَ: هل كانَ بِخَيْبَرَ غيرُ اليهودِ أم لا؟ مع أنَّ الظاهرَ وُجودُ غيرِهم فيها؛ لأنَّها كانتْ أمْلاكًا للمسلمين، يقصِدُونها لأَخْذِ غَلَّاتِ أمْلاكِهم


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م.
(٣) مكان هذا في م: "واللوث". وما عداه ساقط منها.
(٤) في م زيادة: "لا".
(٥) في ب: "بخيبر".
(٦) في م: "وبينهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>