للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، وعمارَتِها، والاطِّلاعِ عليها، والْامْتيارِ منها، ويبْعُدُ أنْ تكونَ مدينةٌ على جَادَّةٍ تخْلُو من غيرِ أهلِها. وقولُ الأنصارِ: ليس لنا بخَيْبَرَ عَدُوٌّ إلَّا يَهودُ. يَدُلُّ على أنَّه قد كانَ بها غَيرُهم ممَّنْ ليس بعَدُوٍّ؛ ولأَنَّ اشْتراكَهم في العَداوةِ، لا يَمْنَعُ مِن وُجودِ اللَّوْثِ في حقِّ واحدٍ، وتخْصيصِه بالدَّعْوَى مع مُشاركةِ غيرِه في احْتمالِ قَتْلِه؛ فلأَنْ لا (٧) يَمْنَعَ ذلك وُجودُ مَنْ يَبْعُدُ منه القَتْلُ أوْلَى. وما ذكرُوه من الاحْتمالِ، لا يَنْفِى اللَّوْثَ، فإنَّ اللَّوْثَ لا يُشْتَرطُ فيه يَقِينُ القتلِ من المُدَّعَى عليه، ولا يُنافِيه الاحْتمالُ، ولو تُيُقِّنَ القتلُ من المدَّعَى عليه، لَما احْتيجَ إلى الأيْمانِ، ولو اشْتُرِطَ نَفْيُ الاحْتمالِ؛ لَما صَحَّتِ الدَّعوَى على واحدٍ من جماعةٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ القاتلَ غيرُه، ولا على الجماعةِ كلِّهم؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنْ لا يشْترِكَ الجميعُ في قَتْلِه. والرِّوايةُ الثانيةُ، عن أحمدَ، أنَّ اللَّوْثَ ما يُغَلِّبُ على الظَّنِّ صِدْقَ المُدَّعِي، وذلك [في دارٍ] (٨) [أو غيرها] (٩)، من وُجوهٍ؛ أحدها، العداوةُ المذكورةُ. والثاني، أن يتَفَرَّقَ جماعةٌ عن قتيلٍ، فيكونَ ذلك لَوْثًا في حقِّ كلِّ واحدٍ منهم، فإن ادَّعَى الوَلِيُّ على واحدٍ فأنْكَرَ كَوْنَه مع الجماعةِ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. ذكَره القاضي. وهو مذهبُ الشافعي؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ ذلك، إلَّا أن يثْبُتَ ببَيِّنَةٍ. الثالث، أن يزْدَحِمَ الناسُ في مَضِيقٍ، فيُوجدَ (١٠) فيهم قتيلٌ، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ هذا ليس بلَوْثٍ، فإنَّه قال في من ماتَ بالزِّحامِ يومَ الجمعةِ: فَدِيَتُه في بيتِ المالِ. وهذا قولُ إسْحاقَ. ورُوِيَ ذلك عن عمرَ وعليٍّ؛ فإنَّ سعيدًا رَوَى في "سُنَنِه"، عن إبراهيمَ، قال: قُتِلَ رجلٌ في زحامِ الناسِ بعَرفةَ، فجاءَ أهلُه إلى عمرَ، فقالَ: بَيِّنتُكم على مَنْ قتلَه. فقالَ عليٌّ: يا أميرَ المؤمنين، لا يُطَلُّ دَمُ امْرئٍ مسلمٍ، إِن عَلِمْتَ قاتلَه، وإِلَّا فأعْطِ (١١)


(٧) سقط من: م.
(٨) سقط من: ب، م.
(٩) سقط من: م.
(١٠) في الأصل: "فوجد".
(١١) في م: "فأعطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>