للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلُ اللِّسانِ، فلا يُعَوَّلُ على ما خَالَفَه. وإن وَصَّى لِقَوْمِه، أو لِنُسَبَائِه، فقال أبو بكرٍ: هذا بمَثَابةِ أهْلِ بَيْتِه. وقال القاضي: إذا قال: لِرَحِمِى، أو لأَرْحَامِى، أو لأَنْسابِى، أو لِمنَاسِبِى. صُرِفَ إلى قَرَابَتِه من قِبَلِ أبِيه وأُمِّه، ويَتَعَدَّى وَلَدَ الأبِ الخامِسِ. فعلى هذا يُصْرَفُ إلى كلِّ من يَرِثُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ أو بالرَّحِمِ في حالٍ من الأحْوالِ. وقولُ أبى بكرٍ في المُنَاسِبِين أَوْلَى مِن قولِ القاضي؛ لأنَّ ذلك في العُرْفِ يُطْلَقُ على مَنْ كان من العَشِيرَةِ التي يَنْتَسِبانِ إليها، وإذا كان كلُّ واحدٍ منهما يَنْتَسِبُ إلى قَبِيلَةٍ غيرِ قَبِيلَةِ صاحِبِه، فليس بمُنَاسِبٍ له.

فصل: وإن وَصَّى لمَوَالِيه، وله مَوَالٍ من فوقَ، وهم مُعْتِقُوه، فالوَصِيّةُ لهم؛ لأنَّ الاسْمَ يَتَنَاوَلُهُم، وقد تَعَيَّنُوا بوُجُودِهم دُونَ غيرِهم. وإن لم يَكُنْ له إلَّا مَوالٍ مِن أسْفَل فهى (١٠) لهم كذلك. وإن اجْتَمَعُوا، فالوَصِيّةُ لهم جميعا، يَسْتَوُونَ فيها؛ لأنَّ الاسْمَ يَشْمَلُ جَمِيعَهُم. وقال أصْحابُ الرأىِ: الوَصِيَّةُ باطِلَةٌ؛ لأنَّها لغيرِ مُعَيَّنٍ. وقال أبو ثَوْرٍ: يُقْرَعُ بينهما؛ لأنَّ أحَدَهُما ليس بأَوْلَى من الآخَرِ. وقال ابن القاسِمِ: هي لِلْمَوْلَى من أسْفَلَ. ولأَصْحابِ الشافِعِىِّ أرْبَعةُ أوْجُهٍ، كقَوْلِنا، وقولِ أصْحابِ الرأى، والثالث، هي لِلْمَوَالِى من فَوْقَ؛ لأنَّهم أقْوَى، بِدَلِيلِ أنَّهم عَصَبَتُه (١١) ويَرِثُونَه، بخِلَافِ عُتَقَائِه. والرابع، يَقِفُ الأمْرُ حتى يَصْطَلِحُوا. ولَنا، أنَّ الاسْمَ يَتَناوَل الجَمِيعَ حَقِيقَةً وعُرْفًا، فدَخَلوا في الوَصِيَّةِ، كما لو وَصَّى لإِخْوَتِه. وقولُهم: غير مُعَيَّنٍ. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإن مع (١٢) التَّعْمِيمِ يَحْصُلُ التَّعْيِينُ، ولذلك لو حلفَ: لا كَلَّمْتُ مَوالِىَّ. حَنَثَ بكَلَام أيِّهم كان. وقولهم: إن المَوْلَى من فَوْقَ أقْوَى. قُلْنا: مع شُمُولِ الاسْمِ لهم يَدْخُلُ فيه الأَقْوَى والأَضْعَفُ، كإِخْوَتِه، ولا شىءَ لِابْنِ العَمِّ، ولا لِلنَّاصِرِ [ولا للْحَلِيفِ] (١٣)، ولا لغيرِ مَنْ ذَكَرْنا؛ لأنَّ الاسْمَ إن لم يَتَنَاوَلْهُم


(١٠) في م: "فهو".
(١١) في م: "عصبة".
(١٢) في أ، م: "من".
(١٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>