للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُلِّ، ولم يكُنْ له خِيارٌ. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ: له أَنَّ يخْتارَ منهنَّ؛ لأنَّه اسْتِدامةٌ للعَقْدِ، لا ابتداءٌ له، بدليلِ أنَّه لا يُشْتَرطُ له شُروطُ العَقْدِ، فأشْبَهَ الرَّجْعَةَ (٢٣). ولَنا، أَنَّ هذه امرأةٌ لا يجوزُ ابْتداءُ العَقْدِ عليها حالَ الإِسْلامِ، فلم يَمْلِك اختيارَها (٢٤)، كالمُعْتَدَّةِ من غيرِه، وكذَواتِ مَحارِمه. وأمَّا الرَّجْعةُ فهى قَطْعُ جَرَيانِ النِّكاحِ إلى البَيْنُونةِ، وهذا إثباتُ النِّكاحِ فى امرأةٍ. وإن كان دَخَلَ بهِنَّ، ثم أسْلَم، ثم أسْلَمْنَّ فى عِدَّتِهِنَّ، فالحُكْمُ كذلك. وقال أبو بكرٍ: لا يجوزُ له ههُنا اخْتيارٌ، بل يَبِنَّ بمُجَرَّدِ إسْلامِه، لئلَّا يُفْضِىَ إلى اسْتدامةِ نِكاحِ مُسْلمٍ فى أُمَةٍ كافرةٍ. ولَنا، أَنَّ إسْلامَهُنَّ فى العِدَّةِ بمَنْزِلةِ إسلامِهِنَّ معه، ولهذا لو كُنَّ حرائرَ مَجُوسِيَّاتٍ أو وثَنِيَّاتٍ، فأسْلَمْنَ فى عِدَّتِهِنَّ، كان ذلك كإسْلامِهِنَّ معه، وإن لم يُسْلِمْنَ حتى انْقَضَتْ عِدّتُهُنَّ (٢٥)، انْفَسخَ نِكاحُهُنَّ، سواءٌ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أو غيرَ كتابياتٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ له (٢٦) اسْتِدامةُ النِّكاحِ فى أُمةٍ كتابيَّةٍ.

فصل: ولو أسْلَم وهو واجِدٌ للطَّوْلِ، فلم يُسْلِمْنَ حتى أعْسَرَ، ثم أسْلَمْن، فله أَن يخْتارَ منهنَّ؛ لأنَّ شَرائِطَ النكاحِ تُعْتَبرُ فى وقتِ الاخْتِيارِ، وهو وقتُ اجْتماعِهم على الإِسلامِ، وهو حينئذٍ عادِمٌ للطَّوْلِ خائِفٌ لِلعَنَتِ، فكان له الاخْتيارُ. وإن أسلمَ وهو مُعْسِرٌ، فلم يُسْلِمْنَ حتى أيْسَرَ، لم يكنْ له الاخْتيارُ؛ لذلك. وإن أسلمتْ واحدةٌ منهنَّ وهو مُوسِرٌ، ثم أسْلَم البواقِى بعدَ إعْسارِه، لم يكنْ له أَن يختارَ منهنَّ شيئًا، لأنَّ وقتَ الاخْتيارِ دَخَلَ بإسْلامِ الأُولَى، ألا تَرَى أنَّه لو كان مُعْسِرًا، كان له اختيارُها، فإذا كان مُوسِرًا، بَطَلَ اختيارُه. وإن أسْلمتِ الأُولَى وهو مُعْسِر، فلم تُسْلِم البواقِى حتى أيْسَرَ، لَزِمَ نكاحُ الأُولَى، ولم يكُنْ له الاخْتيارُ من البواقِى؛ لأنَّ الأُولَى اجْتَمَعتْ معه فى حالٍ (٢٧)


(٢٣) فى الأصل، أ: "الرجعية". وانظر ما يأتى.
(٢٤) فى أ: "إجبارها".
(٢٥) سقط من: أ، وفى ب: "العدة".
(٢٦) سقط من: ب.
(٢٧) فى م: "حاله".

<<  <  ج: ص:  >  >>