للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عَلْقَمَةَ، أنَّه أخَذَ فرَسَه (١١). كذلك قال أحمدُ: هو فيه. ولأنَّ الفرَسَ يُسْتعانُ بها فى الحَرْبِ، فأشْبَهتِ السِّلاحَ، وما ذكَرُوه يبْطُلُ بالرُّمْحِ والقَوْسِ واللَّتِّ، فإنَّها من السَّلَبِ وليستْ (١٢) مَلْبُوسةً. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الدَّابَّةَ وما عليها؛ من سَرْجِها، ولِجَامِها، وتَجْفِيفِها (١٣)، وحِلْيَةٍ إنْ كانت عليها، وجميعِ آلَتِها من السَّلَبِ؛ لأَنَّه تابعٌ لها، ويُسْتَعانُ به فى الحَرْبِ، وإنَّما يكونُ من السَّلَبِ إذا كانَ راكبًا عليها، فإن كانتْ فى منزلِهِ، أو مع غيرِه، أو مُنْفَلِتَةً، لم يكُنْ من السَّلَبِ، كالسِّلاحِ الذى ليس معه. وإن كان راكبًا عليها، فصرَعَه عنها، أو أشْعَرَه عليها، ثم قتلَه بعد نُزولِه عنها، فهى من السَّلَبِ. وهكذا قولُ الأوْزَاعِىِّ. وإنْ كان مُمْسِكًا بعِنَانِها، غيرَ راكِبٍ عليها، فعَنْ أحمد فيها روايتان؛ إحْداهُما، هى (١٢) من السَّلَبِ. وهو قولُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّه مُتَمَكِّنٌ من القِتالِ عليها، فأشْبَهتْ سَيْفَه أو رُمْحَه فى يدِه. والثانيةُ، ليست من السَّلَبِ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، واخْتيارُ الخَلَّالِ؛ لأنَّه ليس براكبٍ عليها، فأشْبَهَ ما لو كانتْ مع غُلامِه. وإنْ كان على فَرَسٍ، وفى يَدِه جَنِيبَةٌ، لم تكُنِ الجَنِيبةُ من السَّلَبِ، لأنَّه لا يُمْكِنُه رُكوبُهما معًا.

فصل: ولا تُقْبَلُ دَعْوَى القتلِ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وقال الأوْزَاعِىُّ: يُعْطَى السَّلَبَ إذا قال: أنا قَتَلْتُه. ولا يُسْأَلُ بَيِّنَةً؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبِلَ قوْلَ أبى قتادَةَ (١٤). ولَنا، قولُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ". مُتَّفَقٌ عليه (١٤) وأمَّا أبو قتادَةَ، فإنَّ خَصْمَه أقرَّ له، فاكْتَفَى بإقْرارِه. قال أحمد: ولا يُقْبَلُ إلَّا شاهدان. وقالت طائِفَةٌ من أهلِ الحديثِ: يُقْبَلُ شاهدٌ ويَمينٌ؛ لأنَّها دعْوَى فى المالِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُقْبَلَ شاهدٌ بغيرِ يَمِينٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبِلَ قولَ الذى شهِدَ لأبى قتادَةَ من غيرِ يَمِينٍ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ


(١١) تقدم تخريجه، فى صفحة ٣٨.
(١٢) سقط من: م.
(١٣) جفف الفرس: ألبسه التِّجْفاف، وهى آلة للحرب يُلبسها الفرس.
(١٤) تقدم تخريجه، فى صفحة ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>