للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنِ بنِ هارونَ فى العِتْقِ، أنَّه لا يَقَعُ، وما أُراه إلَّا غَلَطًا، كذلك سَمِعْتُ الخَلَّالَ يقولُ، فإنْ كان حَفِظَ فهو قولٌ آخَرُ. والفَرْقُ بينهما، أَنَّ ناذِرَ العِتْقِ يَلْزَمُه الوَفاءُ به، وأنَّ ناذِرَ الطَّلاقِ لا يَلْزَمُه الوَفاءُ به، فكما افْتَرَقَا فى النَّذْرِ، جازَ أَنْ يفْتَرِقَا فى اليَمِينِ، ولأنَّه لو قال لأَمَتِه: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ. فإنَّه يصِحُّ، وهو تَعْلِيقٌ للحُرِّيَّةِ على المِلْكِ. وعن أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، ما يَدُلُّ على وقُوعِ الطَّلاقِ والعِتْقِ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأَنَّه يَصِحُّ تَعْلِيقُه على الأَخْطارِ، فصَحَّ تعْليقُه على حُدوثِ المِلْكِ، كالوَصِيَّةِ والنَّذْرِ واليَمِينِ. وقال مالِكٌ: إِنْ خَصَّ جنسًا من الأَجْناسِ، أو عبدًا بعَيْنِه، عَتَقَ إذا مَلَكَه، وإِنْ قال: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُه فهو حُرٌّ. لم يصِحَّ. والأَوَّلُ أصَحُّ، إِنْ شاءَ اللَّه تعالى؛ لأَنَّه تَعْلِيقٌ للطَّلاقِ والعَتاقِ قبلَ المِلْكِ، فأشْبَهَ ما لو قال لأَجْنَبِيَّةٍ: إِنْ دَخَلْتِ الدارَ فأنتِ طالِقٌ. أو لأَمَةِ غيرِه: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فأَنتِ حُرَّةٌ. ثم تَزَوَّجَ الأَجْنَبِيَّةَ، ومَلَكَ الأَمَةَ، ودَخَلتا الدَّارَ، فإنَّ الطَّلاقَ لا يقَعُ، ولا تَعْتِقُ الأَمَةُ، بغيرِ خلافٍ نَعْلَمُه.

١٨٠٠ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لا يَنْكِحَ فُلَانَةَ، أَوْ: لَا اشْتَرَيْتُ فُلَانَةَ فَنَكَحَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا، أَوِ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا، لَمْ يَحْنَثْ)

وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال لعَبْدِه: إِنْ زَوَّجْتُكَ، أو بِعْتُكَ، فأَنْتَ حُرٌّ. فزَوَّجَه تَزْوِيجًا فاسِدًا، لم يَعْتِقْ، وإِنْ باعَه بَيْعًا فاسِدًا يُمْلَكُ به، حَنِثَ؛ لأنَّ البيعَ الفاسِدَ عِنْدَه يثْبُتُ به المِلْكُ، إذا اتَّصَلَ به القَبْضُ. ولَنا، أَنَّ اسمَ البَيْعِ يَنْصَرِفُ إلى الصَّحِيحِ؛ بدليلِ (١) قولِ اللَّهِ تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (٢). وأَكْثَرُ ألْفاظِه فى البَيْعِ إنَّما يَنْصَرِفُ إلى الصَّحِيحِ، فلا يَحْنَثُ بما دُونه، كما فى النِّكاحِ، وكالصلاةِ، وغيرِهما، وما ذَكَرُوه من ثُبوتِ المِلْكِ به لا نُسَلِّمُه. وقال ابنُ أبى موسى: لا يَحْنَثُ بالنِّكاحِ الفاسِدِ. وهل يَحْنَثُ بالبَيْعِ الفاسِدِ؟ على رِوَايتَيْن. ليقال أبو الخَطَّاب: إِنْ نَكَحَها نِكاحًا مُخْتلَفًا فيه، مثل أَنْ يَتَزَوَّجَها بلا وَلِىٍّ ولا شُهودٍ، أو باعَ فى وقتِ النِّداءِ، فعلى وَجْهَيْن. وقال ابنُ أبى موسى: إِنْ تَزَوَّجَها تَزْويجًا مُخْتَلَفًا فيه، أو مَلَكَ مِلْكًا مُخْتلَفًا فيه،


(١) فى ب، م زيادة: "أن".
(٢) سورة البقرة ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>