للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّغِيرةِ (١٢) المُمْكِنِ وَطْؤُها، وكلُّهنَّ سَواءٌ فى القَسْمِ. وبذلك قال مالكٌ، والشَّافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى، ولا نعلمُ عن غيرِهم خلافَهم. وكذلك التى ظاهرَ منها؛ لأنَّ القَصْدَ الإِيوَاءُ والسَّكَنُ والأُنْسُ، وهو حاصلٌ لَهُنَّ، وأمَّا المَجْنُونةُ، فإن كانتْ لا يُخافُ منها، فهى كالصَّحِيحةِ، وإِنْ خافَ منها، فلا قَسْمَ لها؛ لأنَّه لا يَأْمَنُها على نفسِه، ولا يَحْصُلُ لها أُنسٌ ولا بها.

فصل: ويجبُ قَسْمُ الابتداءِ، ومَعْناه أَنَّه إذا كانت له امرأةٌ، لَزِمَه المَبيتُ عندَها ليلةً مِن كلِّ أربعِ ليالٍ، ما لم يكُنْ عُذْرٌ، وإن كان له نِسَاءٌ فلكلِّ واحدةٍ منهن لَيْلَةٌ مِن كلِّ أربع. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال القاضى، فى "المُجَرَّدِ": لا يجبُ قسمُ الابتداءِ، إلَّا أن يَترُكَ الوَطْءَ مُصِرًّا، فإنْ ترَكَه غيرَ مُصِرٍّ لم يلزمْه قَسْمٌ، ولا وَطْءٌ (١٣)؛ لأنَّ أحمدَ قال: إذا وصلَ الرَّجلُ إلى امرأتِه مَرَّةً، بَطَلَ أن يكونَ عِنِّينًا. أى لا يُؤَجَّلُ. وقال الشَّافعىُّ: لا يجبُ قَسْمُ الابْتداءِ بحالٍ؛ لأنَّ القَسْمَ لحقِّه، فلم يجبْ عليه. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لعبدِ اللَّهِ بن عمرِو بنِ العاصِ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُوْمُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ " قلتُ: بلَى يا رسولَ اللَّهِ. قال: "فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". مُتَّفَقٌ عليه (١٤). فأخْبَرَ أَنَّ للمرأةِ عليه حقًّا. وقد اشْتَهَرَتْ قصةُ كعبِ بنِ


(١٢) سقطت الواو من: ب، م.
(١٣) فى ب، م: "يوطء".
(١٤) أخرجه البخارى، فى: باب حدثنا على بن عبد اللَّه، من كتاب التهجد، وفى: باب حق الضيف فى الصوم، وباب حق الجسم فى الصوم، من كتاب الصوم. وفى: باب لزوجك عليك حق، من كتاب النكاح، وفى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٢/ ٦٨، ٣/ ٥١، ٧/ ٤٠، ٤١، ٨/ ٣٨. ومسلم، فى: باب النهى عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوَّت به حقا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفصيل صوم يوم وإفطار يوم، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٨١٢، ٨١٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى صوم الدهر تطوعا، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٦٥. والنسائى، فى: باب صوم يوم وإفطار يوم وذكر إختلاف ألفاظ الناقلين فى ذلك لخبر عبد اللَّه بن عمرو فيه، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>