للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورٍ (١٥)، وروَاها (١٦) عمرُ بن شَبَّةَ (١٧) فى كتابِ "قُضَاةِ البصرةِ" مِن وُجُوهٍ (١٨)؛ إحداهنَّ عن الشَّعْبِىِّ، أَنَّ كعبَ بنَ سُورٍ كان جالسًا عندَ عمرَ بنِ الخطَّابِ، فجاءتِ امرأةٌ، فقالتْ: يا أميرَ المؤمنيْن، ما رأيتُ رجلًا قَطُّ أفْضَلَ مِن زوجى، واللَّهِ إنَّه لَيبِيتُ ليله قائمًا، ويظَلُّ نهارَه صائمًا. فاسْتَغْفَرَ لها، وأثنَى عليها. واسْتَحْيَتِ المرأةُ، وقامتْ راجعةً، فقال كعبٌ: يا أميرَ المؤمنين، هلَّا أعْدَيتَ المرأةَ على زَوْجِها؟ [فقال: وما ذاك؟ فقال: إنَّها جاءتْ تَشْكُوهُ، إذا كانت حالُه هذه فى العبادةِ، متى يتفَرَّغُ لها؟ فبعَث عمرُ إلى زَوْجِها] (١٩)، فجاء، فقال لكعبٍ: اقْضِ بينهما، فإنَّك فهِمْتَ مِن أمرِهما ما لم أفْهَمْ. قال: فإنِّى أرَى كأنَّها امرأةٌ عليها ثلاثُ نِسْوَةٍ، هى رابعتُهنَّ، فأقْضِى له بثلاثةِ أيامٍ ولياليهِنَّ يتعبَّدُ فيهنَّ، ولها يومٌ وليلةٌ. فقال عمر: واللَّهُ ما رأيُك الأوَّلُ بأعجبَ إلىَّ مِن الآخِرِ، اذْهَبْ فأنتَ قاضٍ على أهلِ البصرةِ. وفى رواية، فقال عمر: نعْمَ القاضى أنتَ (٢٠). وهذه قضيَّةٌ اشْتهرتْ (٢١) فلم تُنكرْ، فكانت إجماعًا. ولأنَّه لو لم يكُنْ حَقًّا، لم تسْتَحِقَّ فسخَ النِّكاحِ لتَعذُّرِه بالجَبِّ والعُنَّة، وامْتناعِه بالإِيلاءِ. ولأنَّه لو لم يكُنْ حقًّا للمرأةِ، لمَلكَ الزَّوجُ تخْصِيصَ إحْدَى زَوْجتَيْه به، كالزِّيادةِ فى النَّفقةِ على قدْرِ الواجبِ. إذا ثبتَ هذا، فقال أصحابنا: حقُّ المرأةِ لَيْلَةٌ من كلِّ أربعٍ، وللأمَةِ لَيْلَةٌ من كلِّ سَبْعٍ؛ لأنَّ أكثرَ ما يُمْكِنُ أن يَجْمَعَ معها ثلاثَ حَرائرَ، ولها السابعةُ، والذى يَقْوَى


(١٥) سُور، بضم المهملة وسكون الواو، كما فى الإصابة ٥/ ٦٤٥، والمشتبه ٤٠٢.
(١٦) فى ب، م: "رواهما".
(١٧) فى أ، ب، م: "شعبة".
وشبة لقب أبيه، فهو عمر بن زيد بن عبيدة النميرى، المؤرخ المحدث، توفى سنة أربع وستين ومائتين، أو ثلاث وستين. تاريخ التراث العربى ١/ ٢/ ٢٠٥.
(١٨) فى ب، م: "وجود" تحريف.
(١٩) سقط من: ب، م.
(٢٠) ذكرها عبد الرزاق، فى: باب حق المرأة على زوجها وفى كم تشتاق، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ١٤٨، وابن سعد، فى الطبقات الكبرى ٧/ ٥٢. وابن حجر، فى الإصابة ٥/ ٦٤٦.
(٢١) فى أ، ب، م: "انتشرت".

<<  <  ج: ص:  >  >>