للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو حَدَثَ عند المُشْتَرِى؟ لم يَخْلُ من قِسْمَيْنِ؛ أحَدِهما، أن لا يَحْتَمِلَ إلَّا قولَ أحَدِهما، كالإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ، والشَّجَّةِ المُنْدَمِلَةِ، التى لا يُمكنُ حُدُوثُ مِثْلِها، والجُرْحِ الطَّرِىِّ الذى لا يَحْتَمِلُ كونَه قَدِيمًا. [فالقَوْلُ قولُ من يَدَّعِى ذلك، بغير يَمِينٍ؛ لأنَّنا نَعْلَمُ صِدْقَه، وكَذِبَ خَصْمِه، فلا حاجَةَ إلى اسْتِحْلافِه] (١). والثانى، أن يَحْتَمِلَ قولَ كلِّ واحدٍ منهما، كالخَرْقِ فى الثَّوْبِ والرَّفْوِ، ونحوِهما، ففيه رِوايَتانِ؛ إحْداهما، القولُ قولُ المُشْتَرِى، فَيَحْلِفُ باللهِ أنَّه اشْتَراهُ وبه هذا العَيْبُ، أو أنَّه ما حَدَثَ عنده ويكون له الخِيارُ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ القَبْضِ فى الجُزْءِ الفائِتِ، واسْتِحْقاقُ ما يُقابِلُه من الثَّمَنِ، ولُزُومُ العَقْدِ فى حَقِّه، فكان القولُ قولَ مَن يَنْفِى ذلك، كما لو اخْتَلَفا فى قَبْضِ المَبِيعِ. والثانيةُ، القولُ قولُ البائِعِ مع يَمِينِه، فيَحْلِفُ على حَسَبِ جَوابِه، إن أجابَ أنَّنِى بِعْتُه بَرِيئًا من العَيْبِ، حَلَفَ على ذلك، وإن أجابَ بأنَّه لا يَسْتَحَقُّ، على ما يَدَّعِيهِ من الرَّدِّ، حَلَفَ على ذلك، ويَمِينُه على البَتِّ لا على نَفْىِ (٢) العِلْمِ؛ لأنَّ الأيْمانَ كلَّها على البَتِّ، لا على نَفىِ فِعْلِ الغيرِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ؛ لأنَّ الأصْلَ سَلامَةُ المَبِيعِ، وصِحَّةُ العَقْدِ، ولأنَّ المُشْتَرِىَ يَدَّعِى عليه اسْتِحْقاقَ فَسْخِ البَيْعِ، وهو يُنْكِرُه، والقولُ قولُ المُنْكِرِ.

فصل: وإذا باعَ الوَكِيلُ، ثم ظَهَرَ المُشْتَرِى على عَيْبٍ كان به، فَلَه رَدُّه على المُوَكِّلِ؛ لأنَّ المَبِيعَ يُرَدُّ بالعَيْبِ، على مَن كان له، فإن كان العَيْبُ ممَّا يُمْكِنُ حُدُوثُه، فأقَرَّ به الوَكِيلُ، وأنْكَرَه المُوَكِّلُ، فقال أبو الخَطَّابِ: يُقْبَلُ إقْرَارُه على مُوَكِّلِه بالعَيْبِ؛ لأنَّه أمْرٌ يَسْتَحِقُّ به الرَّدّ، فيُقْبَلُ إقْرارُ الوَكِيلِ به على مُوَكِّلِه، كَخِيارِ الشَّرْطِ. وقال أصْحابُ أبى حنيفةَ والشَّافِعِىُّ: لا يُقْبَلُ إقْرَارُ الوَكِيلِ بذلك. وهو أصَحُّ؛ لأنَّه إقْرارٌ على الغَيْرِ، فلم يُقْبَلْ، كالأجْنَبِىِّ، فإذا رَدَّه المُشْتَرِى على الوَكِيلِ، لم يَمْلِكِ الوَكِيلُ رَدَّه على المُوَكِّلِ؛ لأنَّه رَدَّه بإقراره، وهو غيرُ مَقبُولٍ على غيرِه. ذَكَرَه القَاضِى. فإن أنْكَرَه الوَكِيلُ فَتَوجَّهَتِ اليَمِينُ عليه، فَنَكَلَ عنها،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>