للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّامِنَانِ كذلك، ولم يَبْرَأ المَضْمُونُ عنه؛ لما تَقَدَّمَ. وإن أبْرَأَ الضَّامِنَ الثانِى بَرِئَ وَحْدَه. ومتى حَصَلَتْ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ بالإِبْراءِ، فلا رُجُوعَ (١٨) فيها بحالٍ؛ لأنَّ الرُّجُوعَ مع الغُرْمِ، وليس في الإِبْرَاءِ غُرْمٌ. والكَفَالَةُ كالضَّمَانِ في هذا المَعْنَى جَمِيعِه، وتَزِيدُ بأنَّه إذا مَاتَ المَكْفُولُ عنه بَرِئَ كَفِيلَاهُ، وإن مَاتَ الكَفِيلُ الأَوَّلُ بَرِئَ الثاني دون المَكْفُولِ عنه؛ لأنَّ الوَثِيقَةَ انْحَلَّتْ من غير اسْتِيفَاءٍ، فأشْبَهَ الرَّهْنَ، وإن مَاتَ الكَفِيلُ الثاني (١٩) بَرِئَ وَحْدَه.

فصل: وإن ضَمِنَ المَضْمُونُ عنه الضَّامِنَ، أو تَكَفَّلَ المَكْفُولُ عنه الكَفِيلَ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الضَّمَانَ يَقْتَضِى إلْزَامَهُ الحَقَّ في ذِمَّتِه، والحَقُّ لَازِمٌ له، فلا يُتَصَوَّرُ إلْزَامُه (٢٠) ثَانِيًا، ولأنَّه أصْلٌ في هذا الدَّيْنِ، فلا يجوزُ أن يَصِيرَ فَرْعًا فيه. وإن ضَمِنَ عنه دَيْنًا آخَرَ، أو كَفَلَ به في حَقٍّ آخَرَ، جازَ؛ لِعَدَمِ ما ذَكَرْنَاهُ فيه.

فصل: ويجوزُ أن يَضْمَنَ الحَقَّ عن الرَّجُلِ الواحِدِ اثْنَانِ وأَكْثَرُ، سواءٌ ضَمِنَ كلُّ واحِدٍ منهم جَمِيعَه أو جُزْءًا منه، فإن ضَمِنَ كلُّ واحِدٍ منهم جَمِيعَه، بَرِئَ كلُّ واحدٍ منهم بأدَاءِ أحَدِهم، وإن أبْرَأَ المَضْمُونَ عنه، بَرِئَ الجَمِيعُ؛ لأنَّهم فُرُوعٌ له. [وإن أُبْرِئَ أحَدُ الضُّمَّانِ، بَرِئَ وَحْدَه، ولم يَبْرَأْ غيرُه؛ لأنَّهم غيرُ فُرُوعٍ له] (٢١)، فلم يَبْرَءوا بِبَرَاءَتِه، كالمَضْمُونِ عنه. وإن ضَمِنَ أحَدُهمْ صَاحِبَه لم يَجُزْ؛ لأنَّ الحَقَّ ثَبَتَ في ذِمَّتِه بِضَمَانِه الأَصْلِىِّ، فلا يجوزُ أن يَثْبُتَ ثَانِيًا، ولأنَّه أصْلٌ فيه بالضَّمَانِ، فلا يجوزُ أن يَصِيرَ فيه فَرْعًا. ولو تَكَفَّلَ بالرَّجُلِ الواحِدِ رَجلانِ، جازَ. ويجوزُ أن يَتَكَفَّلَ كلُّ واحدٍ من


(١٨) في م: "يرجع".
(١٩) سقط من: ب.
(٢٠) في الأصل: "التزامه".
(٢١) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>