للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَذْفِ، فكذلك فى وَقْتِه. وإن قالتْ أجْنَبِيَّةٌ: قَذَفْتَنِى (٥٥). فقال: كُنْتِ زَوْجَتِى حينئذٍ. فأنْكَرَتِ الزَّوْجِيّةَ، فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُها.

فصل: ولو قَذَفَ أجْنِبيَّةً، ثم تَزَوَّجَها، فعليه الحَدُّ، ولا يُلاعِنُ، فإنَّه (٥٦) وَجَبَ فى حالِ كَوْنِها أجْنَبيَّةً، فلم يَمْلِكِ اللِّعانَ من أجْلِه، كما لو لم يَتَزَوّجْها. وإن قَذَفَها بعدَ تَزَوُّجِها بِزِنًى أضافَه إلى ما قبلَ النِّكاحِ، حُدَّ، ولم يُلاعِنْ، سَواءٌ كان ثَمَّ ولدٌ أو لم يَكُنْ. وهو (٥٧) قولُ مالكٍ وأبى ثَوْرٍ. ورُوِىَ ذلك عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، والشَّعْبِىِّ. وقال الحسنُ، وزُرارةُ بن أوْفَى، وأصحابُ الرَّأْىِ: له أَن يُلَاعِنَ؛ لأنَّه قَذَفَ امْرَأتَه، فيَدْخُلُ (٥٨) فى عُمُومِ قولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. ولأنَّه قَذَفَ امْرَأتُه، فأشْبَهَ ما لو قَذَفَها ولم يُضِفْه إلى ما قبلَ النِّكاحِ. وحَكَى الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ عن أحمدَ رِوايةً أُخْرَى كذلك. وقال الشافعىُّ: إن لم يَكُنْ ثَمَّ ولدٌ، لم يُلَاعِنْ، وإن كان بينهما ولدٌ، ففيه وَجْهان. ولَنا، أنَّه قَذَفَها قَذْفًا مُضافًا إلى حالِ البَيْنُونةِ، أشْبَهَ ما لو قَذَفَها وهى بائِنٌ، وفارَقَ قَذْفَ الزَّوْجةِ؛ لأنَّه مُحْتاجٌ إليه لأنَّها غاظَتْه وخانَتْه، وإن كان بينهما ولدٌ، فهو مُحْتاجٌ إلى نَفْيِه، وههُنا إذا تَزَوّجَها وهو يَعْلَمُ زِنَاهَا، فهو المُفَرِّطُ فى نِكَاحِ حامِلٍ من الزِّنَى، فلا يُشْرَعُ له طَرِيقٌ إلى نَفْيِه.

فصل: ولو قال لِامْرأتِه: أنْتِ طالِقٌ ثلاثًا يا زانِيَة. فنَقَلَ مُهَنَّا، قال: سألتُ أحمدَ، عن رَجُلٍ قال لِامْرَأته: أنْتِ طالقٌ يا زانِية. ثلاثًا، فقال: يُلَاعِنُ. قلتُ: فإنَّهم يقولون: يُحَدُّ، ولا يَلْزَمُها (٥٩) إلَّا واحدةٌ. قال: بِئْسَ ما يقولون. فهذا يُلَاعِنُ؛ لأنَّه قَذَفَها قبلَ الحُكْمِ بِبَيْنُونَتِها، فأشْبَهَ قَذْفَ الرَّجْعِيَّةِ. وأما فى المسألةِ الأُولَى، فإن كان بينهما ولدٌ، فإنَّه يُلَاعِنُ، لِنَفْيِه، وإِلَّا حُدَّ ولم يُلَاعِنْ؛ لأنَّه يَتَعَيَّنُ إضافةُ القَذْفِ إلى حالِ


(٥٥) فى م: "قذفنى".
(٥٦) فى م: "لأنه".
(٥٧) فى ب: "وهذا".
(٥٨) فى ب: "فدخل".
(٥٩) فى ب: "يلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>