للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ". مُتَّفَقٌ عليه (١). قال أحمدُ: لو أن حَاكِمًا حَكَمَ أنه أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ، ثم رُفِعَ إلى رجلٍ يَرَى العَمَلَ بالحَدِيثِ، جازَ له نَقْضُ حُكْمِه. ولأنَّ هذا العَقْدَ يَلْحَقُه الفَسْخُ بالإِقَالَةِ، فجازَ فيه الفَسْخُ، لِتَعَذُّرِ العِوَضِ، كالمُسْلَمِ فيه إذا تَعَذَّرَ. ولأنه لو (٢) شَرَطَ فى البَيْعِ رَهْنًا، فعَجَزَ عن تَسْلِيمِه، اسْتَحَقَّ الفَسْخَ، وهو وَثِيقَةٌ بالثَّمَنِ، فالعَجْزُ عن تَسْلِيمِ الثَّمَنِ بِنَفْسِه أَوْلَى. ويُفَارِقُ المَبِيعُ الرَّهْنَ؛ فإن إمْساكَ الرَّهْنِ إمْسَاكٌ مُجَرَّدٌ على سَبِيلِ الوَثِيقَةِ، وليس بِبَدَلٍ، والثَّمَنُ هاهُنا بَدَلٌ عن العَيْنِ، فإذا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُه، رَجَعَ إلى المُبْدَلِ. وقولُهم: تَسَاوَوْا فى سَبَبِ الاسْتِحْقَاقِ. قُلْنا: لكن اخْتَلَفُوا فى الشَّرْطِ، فإنَّ بَقَاءَ العَيْنِ شَرْطٌ لِمِلْكِ الفَسْخِ، وهى مَوْجُودَةٌ فى حَقِّ مَن وَجَدَ مَتاعَهُ دُونَ مَن لم يَجِدْه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ البائِعَ بالخِيَارِ، إن شاءَ رَجَعَ فى السِّلْعَةِ، وإن شاءَ لم يَرْجِعْ، وكان أُسْوَةَ الغُرَماءِ، وسواءٌ كانت السِّلْعَةُ مُسَاوِيَةً لِثَمنِها أو أقَلَّ أو أكْثَرَ؛ لأنَّ الإِعْسَارَ سَبَبٌ يُثْبِتُ (٣) جَوَازَ الفَسْخِ، فلا يُوجِبُه، كالعَيْبِ والخِيَارِ. ولا يَفْتَقِرُ الفَسْخُ إلى حُكْمِ حَاكِمٍ لأنَّه فَسْخٌ ثَبَتَ بالنَّصِّ، فلم يَفْتَقِرْ إلى حُكْمِ حَاكِمٍ، كفَسْخِ النِّكاحِ لِعَتْقِ الأَمَةِ.

فصل: وهل خِيَارُ الرُّجُوعِ على الفَوْرِ، أو على التَّرَاخِى؟ على وَجْهَيْنِ، بنَاءً على خِيَارِ الرَّدِّ بِالعَيْبِ، وفى ذلك رِوَايَتانِ، إحْدَاهما، هو على التَّرَاخِى؛ لأنَّه حَقُّ


(١) أخرجه البخارى، فى: باب إذا وجد ماله عند مفلس. . .، من كتاب الاستقراض. صحيح البخارى ٣/ ١٥٥، ١٥٥٦ ومسلم، فى: باب من أدرك ما باعه عند المشترى وقد أفلس. . .، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١١٩٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٥٧. وابن ماجه، فى: باب من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٠. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى إفلاس الغريم، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٧٨.
(٢) فى م: "إذا".
(٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>