للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَىَّ. وله على الوَكِيلِ حَقٌّ (١٠) يَعْتَرِفُ به الوَكِيلُ، فَبِأخْذِه يَسْتَوْفِى حَقَّه منه. فأمَّا إن كان المَدْفُوعُ دَيْنًا، لم يَرْجِعْ إلَّا على الدَّافِعِ وَحْدَه؛ لأنَّ حَقَّهُ في ذِمَّةِ الدّافِعِ لم يَبْرَأَ منه (١١) بِتَسْلِيمِه إلى غير وَكِيلِ صاحِبِ الحَقِّ، والذي أخَذَهُ الوَكِيلُ عَيْنُ مالِ الدّافِعِ في زَعْمِ صَاحِبِ الحَقِّ، والوَكِيلُ والدّافِعُ يَزْعُمانِ أنَّه صارَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الحَقِّ، وأنَّه ظَالِمٌ للدّافِعِ بالأَخْذِ منه، فيَرْجِعُ الدَّافِعُ فيما أخَذَ منه الوَكِيلُ، ويكونُ قِصَاصًا ممَّا أخَذَ (١٢) منه صاحِبُ الحَقِّ. وإن كان قد تَلِفَ في يَد الوَكِيلِ، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ؛ لأنَّه مُقِرٌّ بأنه أَمينٌ لا ضَمَانَ عليه، إلَّا أن يَتْلَفَ بِتَعَدِّيهِ وتَفْرِيطِه، فيَرْجِعَ عليه.

فصل: فإن جاءَ رَجُلٌ، فقال: أنا وارِثُ صاحِبِ الحَقِّ. فإن أنْكَرَهُ، لَزِمَتْهُ اليَمِينُ أنَّه لا يَعْلَمُ صِحَّةَ ما قال؛ لأنَّ اليَمِينَ ههُنا على نَفْىِ فِعْلِ الغيرِ، فكانت على نَفْىِ العِلْمِ؛ لأنَّه لو صَدَّقَهُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ إليه، فلما لَزِمَهُ الدَّفْعُ مع الإِقْرارِ، لَزِمَتْه اليَمِينُ مع الإِنْكارِ. وإن صَدَّقَهُ في أنَّه وارِثُ صاحِبِ الحَقِّ، لا وارِثَ له سِوَاهُ، لَزِمَهُ الدَّفْعُ إليه. بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّه مُقِرٌّ له بالحَقِّ، وأنه يَبْرَأُ بهذا الدَّفْعِ، فلَزِمَهُ، كما لو جاءَ صَاحِبُ الحَقِّ. فأمَّا إن جاءَ رَجُلٌ، فقال: قد أحَالَنِى عليكَ صاحِبُ الحَقِّ. فصَدَّقَهُ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما: لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ إليه؛ لأنَّ الدَّفْعَ إليه غيرُ مُبْرِئٍ، لِاحْتِمالِ أن يَجِىءَ المُحِيلُ فيُنْكِرَ الحَوالةَ ويُضَمِّنَهُ (١٣)، فأشْبَهَ المُدَّعِىَ لِلوَكَالَةِ. والثانى، يَلْزَمُه الدَّفْعُ إليه؛ لأنَّه مُعْتَرِفٌ بأن الحَقَّ له لا لغيرِه، فأشْبَه الوَارِثَ. فإن قُلْنا: يَلْزَمُه الدَّفْعُ مع الإِقْرارِ. لَزِمَتْهُ اليَمِينُ مع الإِنْكارِ. وإن قلنا: لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ مع الإِقْرارِ. لم تَلْزَمْهُ اليَمِينُ مع الإِنْكارِ؛ لِعَدَمِ الفائِدَةِ فيها. ومثلُ هذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ.


(١٠) في ازيادة: "حتى".
(١١) في أ: "ذمته".
(١٢) في م: "أخذه".
(١٣) في م: "أو يضمنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>