للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترَبُّصِ لها، كالتِّسْعةِ الأشْهُر فى حَقِّ من ارْتَفَعَ حَيْضُها لا تَدْرِى ما رَفَعَه، وكالحَمْلِ نفسِه، وبهذا ينْتَقِضُ قِياسُهُم. فأمَّا العَبْدُ، فإن كانت زَوْجَتُه حُرَّةً، فتَرَبُّصُها كتَرَبُّصِ (٩٥) الحُرَّةِ تحتَ الحُرِّ، وإن كانتْ أمةً، فهى كالأمَةِ تحتَ الحُرِّ؛ لأنَّ العِدَّةَ مُعْتَبَرةٌ بالنِّساءِ دون الرجالِ، وكذلك مُدَّةُ الترَبُّصِ. وحُكِىَ عن الزُّهْرِيِّ، ومالكٍ، أنَّه يُضْرَبُ له نِصفُ أجَلِ الحُرِّ. والأَوْلَى ما قُلْناه؛ لأنَّه ترَبُّصٌ مَشْروعٌ فى حَقِّ المرأةِ لفُرْقةِ زَوْجِها، فأشْبَهَ العِدَّةَ.

فصل: فإن غاب رَجُلٌ عن زَوْجَتِه، فشَهِدَ ثِقاتٌ بوَفاتِه، فاعْتدَّتْ زوجَتُه للوفاةِ، أُبِيحَ لها أن تتزَوَّجَ. فإن عاد الزوجُ بعدَ ذك، فحُكْمُه حُكْمُ المفقودِ، يُخَيَّرُ زَوْجُها بينَ أخْذِها، وتَرْكِها وله الصداقُ. وكذلك إن تظاهَرَتِ الأخْبارُ بمَوْتِه. وقد رَوَى الأثْرَمُ بإسْنادِه عن أبي الْمَلِيحِ، عن سُهَيَّةَ (٩٦)، أن زَوْجَها صَيْفِىَّ بن فَسِيلٍ (٩٧)، نُعِىَ لها من قَنْدَابِيلَ (٩٨)، فتزَوَّجَتْ بعدَه، ثم إنَّ زَوْجَها الأوَّلَ قَدِمَ، فأتَيْنا عثمانَ وهو محْصورٌ، فأشْرَفَ علينا، فقال: كيف أقْضِى بينَكم وأنا على هذا الحالِ! فقُلْنا: قد رَضِينَا بقَوْلِكَ. فقَضَى أن يُخَيَّرَ الزَّوجُ الأَوَّلُ بين الصَّداقِ وبينَ المرأةِ. فرَجَعْنا. فلما قُتِلَ عثمانُ، أتَيْنَا عليًّا، فخَيَّرَ الزَّوْجَ الأوَّلَ بينَ الصَّداقِ وبينَ المرأةِ، فاخْتار الصَّداقَ، فأخَذَ مِنِّى أَلْفَيْن، ومن زَوْجِى الآخر ألْفَين (٩٩). فإن حَصَلَتِ الفُرْقةُ بشَهادةٍ مَحْصُورةٍ، فما


(٩٥) فى م: "تربص".
(٩٦) فى النسخ: "شهية". وفى سنن البيهقى: "سهيمة". وفى نسخة منه: "شهبة". وفى مصنف عبد الرزاق: "بنيهمة". والمثبت فى: الطبقات الكبرى، لابن سعد، فى ترجمتها.
(٩٧) فى النسخ: "فشيل"، وفى نسخة من سنن البيهقى: "قيل". وفى الطبقات الكبرى: "قسيل". والمثبت فى: سنن البيهقى.
(٩٨) فى النسخ: "قيذائيل". والمثبت فى الطبقات الكبرى. وفى سنن البيهقى: "قندابل". وقندابيل: مدينة بالسند، وهى قصبة لولاية يقال لها: الندهة. معجم البلدان ٤/ ١٨٣.
(٩٩) أخرجه البيهقى، فى: باب من قال بتخيير المفقود. . .، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٤٧. وعبد الرزاق، فى: باب التى لا تعلم مهلك زوجها، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٨٨، ٨٩. وابن سعد، فى: الطبقات الكبرى ٨/ ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>