للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا كان لِذِمِّىٍّ على ذِمِّىٍّ خَمْرٌ، فكَفَلَ به ذِمِّىٌّ آخَرُ، ثم أَسْلَمَ المَكْفُولُ له أو المَكْفُولُ عنه، بَرِئَ الكَفِيلُ والمَكْفُولُ عنه. وقال أبو حنيفةَ: إذا أَسْلَمَ المَكْفُولُ عنه، لم يَبْرأْ واحدٌ منهما، ويَلْزَمُهما قِيمَةُ الخَمْرِ؛ لأنَّه كان وَاجِبًا، ولم يُوجَدْ إِسْقَاطٌ ولا اسْتِيفَاءٌ، ولا وُجِدَ من المَكْفُولِ له ما يُسْقِطُ حَقَّهُ، فبَقِىَ بِحَالِه. ولَنا، أنَّ المَكْفُولَ به مُسْلِمٌ، فلم يَجِبْ عليه الخَمْرُ، كما لو كان مُسْلِمًا قبلَ الكَفَالَةِ. وإذا بَرِئَ المَكْفُولُ به، بَرِئَ كَفِيلُه. كما لو أدَّى الدَّيْنَ أو أُبْرِئَ (٨) منه، ولأنَّه لو أسْلَمَ المَكْفُولُ له، بَرِئَا جَمِيعًا، فكذلك (٩) إذا أَسْلَمَ المَكْفُولُ به. وإن أسْلَمَ الكَفِيلُ وَحْدَه، بَرِئَ من الكَفَالَةِ؛ لأنَّه لا يجوزُ وُجُوبُ الخَمْرِ عليه وهو مُسْلِمٌ.

فصل: فإذا قال: أَعْطِ فُلَانًا أَلْفًا. ففَعَلَ (١٠)، لم يَرْجِعْ على الآمِرِ، ولم يكُنْ له (١١) ذلك كَفَالَةً، ولا ضَمَانًا، إلَّا أن يقول: أَعْطِه عَنِّى. [وقال أبو حنيفةَ: يَرْجِعُ عليه إذا كان خَلِيطًا له؛ لأنَّ العادَةَ أن يَسْتَقْرِضَ من خَلِيطِه. ولَنا، أنَّه لم يَقُلْ: أَعْطِه عَنِّى] (١٢). فلم يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ، كما لو لم يكن خَلِيطًا. ولا يَلْزَمُ إذا كان له عليه مَالٌ، فقال: أَعْطِه فُلَانًا. حيث يَلْزَمُه؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه لأَجْلِ هذا القولِ، بل لأنَّ عليه حَقًّا يَلْزَمُه أدَاؤُه.

فصل: إذا كانت السَّفِينَةُ في البَحْرِ، وفيها مَتَاعٌ، فخِيفَ غَرَقُها، فأَلْقَى بعضُ مَن فيها مَتاعَهُ في البَحْرِ لِتَخِفَّ، لم يَرْجِعْ به على أحَدٍ، سواءٌ ألْقَاهُ مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ أو مُتَبَرِّعًا؛ لأنَّه أَتْلَفَ مَالَ نَفْسِه بِاخْتِيَارِه من غيرِ ضَمَانٍ. فإن قال له بعضُهم: أَلْقِ مَتَاعَكَ. فأَلْقَاهُ فكذلك؛ لأنَّه لا (١٣) يُكْرِهُهُ على إِلْقَائِه، ولا ضَمِنَ له. وإن قال: أَلْقِه،


(٨) في أ، م: "أبرأه".
(٩) في الأصل، أ، م: "وكذلك".
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) في ب: "لم".

<<  <  ج: ص:  >  >>