ذلك من التَّصَرُّفِ في أَرْضِهِم بغيرِ إِذْنِهم. وقال أحمدُ، في مَن ابْتَاعَ طَعَامًا مِن مَوْضِع غَصْبٍ، ثم عَلِمَ: رَجَعَ إلى المَوْضِعِ الذي أخَذَهُ منه، فرَدَّه. ورُوِىَ عنه، أنَّه قال: يَطْرَحُه. يَعْنِى على مَن ابْتَاعَهُ منه؛ وذلك لأنَّ قُعُودَه فيه حَرَامٌ، مَنْهِيٌّ عنه، فكان البَيْعُ فيه مُحَرَّمًا، ولأنَّ الشِّرَاءَ ممَّن يَقْعُدُ في المَوْضِعِ المُحَرَّمِ يَحْمِلُهم على القُعُودِ والبَيْعِ فيه، وتَرْكُ الشِّراءِ منهم [يَمْنَعُهم من](١٦) القُعُودِ. وقال: لا يَبْتَاعُ من الخَاناتِ التي في الطُّرُقِ، إلَّا أن لا يَجِدَ غيرَه. كأنَّه بمَنْزِلَةِ المُضْطَرِّ. وقال في السُّلْطانِ إذا بَنَى دَارًا، وجَمَعَ النّاسَ إليها: أكْرَهُ الشِّرَاءَ منها. وهذا إن شاء اللَّه تعالى على سَبِيلِ الوَرَعِ، لما فيه من الإِعَانةِ على الفِعْلِ المُحَرَّمِ، والظَّاهِرُ صِحَّةُ البَيْعِ؛ لأنَّه إذا صَحَّتِ الصَّلَاةُ في الدّارِ المَغْصُوبَةِ، في رِوَايَةٍ، وهى عِبَادَةٌ، فما ليس بِعِبَادَةٍ أوْلَى. وقال في مَن غَصَبَ ضَيْعَةً، وغُصِبَتْ من الغاصِبِ، فأرَادَ الثاني رَدَّهَا: جَمَعَ بينهما. يَعْنِى بين مَالِكِها والغاصِبِ الأَوَّلِ. وإن ماتَ بعضُهم، جَمَعَ وَرَثَتَه. إنَّما قال هذا احْتِياطًا، خَوْفَ التَّبعَةِ من الغاصِبِ الأَوَّلِ؛ لأنَّه رُبَّما طَالَبَ بها، وادَّعَاها مِلْكًا باليَدِ، وإلَّا فالوَاجِبُ رَدُّهَا على مَالِكِها. وقد صَرَّح بهذا في رِوَايةِ عبدِ اللَّه، في رَجُلٍ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا، فجاءَ رَجُلٌ إلى المُسْتَوْدَعِ، فقال: إن فُلَانًا غَصَبَنِى الأَلْفَ الذي اسْتَوْدَعَكَهُ. وصَحَّ ذلك عند المُسْتَوْدَعِ، فإن لم يَخَف التَّبِعَةَ، وهو أن يَرْجِعُوا به عليه، دَفَعَهُ إليه.
٨٦٤ - مسألة؛ قال:(وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا، أو أَمَةً، وقِيمَتُه مائِةٌ، فزَادَ في بَدَنِهِ، أو بِتَعَلُّمٍ، حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُه مِائَتَيْنِ، ثُمَّ نَقَصَ بِنُقْصَانِ بَدَنِهِ، أو نِسْيانِ مَا عُلَّمَ، حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُه مِائةً، أخَذَهُ السَّيِّدُ، وأخَذَ مِنَ الْغاصِبِ مِائَةً)
وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ: لا يَجِبُ عليه عِوَضُ الزِّيَادَةِ، إلَّا أن