للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أو مُعْسِرًا. وذكَرَ أبو الخَطَّابِ وَجْهًا، أنَّه يَسْرِى تَدْبِيرُه إذا كان مُوسِرًا، ويُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأَنَّه اسْتَحَقَّ العِتْقَ بمَوْتِ سَيِّدِه، فسَرَى ذلك فيه، كالاسْتِيلادِ. وللشَّافِعِىِّ قَوْلان، كالمذْهبَيْنِ. ولَنا، أنَّه تَعْلِيقٌ للعِتْقِ بصِفَةٍ، فلم يَسْرِ، كتَعْلِيقِه بدُخُولِ الدَّارِ، ويُفارِقُ الاسْتِيلادَ؛ فإنَّه آكَدُ، ولهذا يَعْتِقُ من جميعِ المالِ. ولو قَتَلَتْ سَيِّدَها، لم يَبْطُلْ حُكْمُ اسْتِيلادِها، ولا يجوزُ بَيْعُها، والمُدَبَّرُ بخِلافِ ذلك. فعلَى هذا، إذا مات المُدَبَّرُ، عَتَقَ نَصِيبُه إن خَرَجَ من الثُّلثِ. وهل يَسْرِى إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، إن كان مُوسِرًا؟ فيه رِوَايتان، ذكَرَهما الْخِرَقِىُّ فى غيرِ هذا الموضعِ. وإن أعْتَقَ الشَّرِيكُ (٢٧) نَصِيبَه قبلَ موتِ المُدَبَّرِ، وهو مُوسِرٌ، عَتَقَ، وسَرَى إلى نَصِيبِ المُدَبَّرِ. وذكر القاضى، وأبو الخَطَّابِ، فيها وَجْهَيْنِ. وللشافعىِّ فيها قَوْلان؛ أحدُهما، كقَوْلِنا. والثانى، لا يَسْرِى عِتْقُه. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ المُدَبَّرَ قد اسْتَحَقَّ الوَلاءَ على العبدِ بمَوْتِه، فلم يكُنْ للآخَرِ إبْطالُه. ولَنا، قولُه عليه السلام: "مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا لَهُ (٢٨) فى عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ العَدْلِ، وأُعْطِىَ شُرَكاؤُهُ حِصَصَهُمْ، وإلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْه مَا عَتَقَ" (٢٩). ولأنَّه إذا سَرَى إلى إبْطالِ المِلْكِ، الذى هو آكَدُ من الوَلاءِ، فالوَلاءُ أَوْلَى، وما ذكَرُوه لا أصْلَ له (٣٠)، ويَبْطُلُ بما إذا عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِه بصِفَةٍ (٣١).

فصل: وإِنْ دَبَّرَ كلُّ واحدٍ منهما نَصِيبَه، فمات أحَدُهما، عَتَقَ نَصِيبُه، وبَقِىَ نَصِيبُ الآخَرِ على التَّدْبِيرِ، إن لم يَفِ ثُلثُه بقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِه، وإن كان يَفِى به (٢٨)، فهل يَسْرِى العِتْقُ إليه؟ على رِوَايتَيْن. وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: إذا مِتْنَا، فأنتَ حُرٌّ. فقال أبو بكرٍ: قال أحمدُ: إذا مات أحَدُهما، فنَصِيبُه حُرٌّ. وظاهِرُ هذا أَنَّ أحمدَ جَعَل هذا اللفظَ تَدْبِيرًا من كلِّ واحدٍ منهما لنَصِيبِه، ومَعْناه إذا مات كلُّ واحدٍ مِنَّا، فنَصِيبُه حُرٌّ؛ فإنَّه قابَلَ


(٢٧) سقط من: أ.
(٢٨) سقط من: ب.
(٢٩) تقدم تخريجه، فى: ٧/ ٣٦٢.
(٣٠) فى الأصل: "لهم".
(٣١) فى أ: "بصفته".

<<  <  ج: ص:  >  >>