للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ حامِدٍ، ومن وَافَقَه. وكذلك الجُبْنُ وما أشْبَههُ.

٤٧٠ - مسألة؛ قال: (واختِيَارُ أبِى عَبْدِ اللهِ إخرَاجُ التَّمْرِ)

وبهذا قال مالِكٌ. قال ابنُ المُنْذِرِ: واسْتَحَبَّ مالِكٌ إخْرَاجَ العَجْوَةِ منه. واختارَ الشَّافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، إخْراجَ البُرِّ. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ: يَحْتَمِلُ أن يكونَ الشَّافِعِىُّ قال ذلك؛ لأنَّ البُرَّ كان أغْلَى فى وَقْتِه ومَكانِه، لأنَّ المُسْتَحَبَّ أن يُخْرِجَ أَغْلاها ثَمَنًا وأنْفَسَها، لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد سُئِلَ عن أفْضَلِ الرِّقَابِ، فقال: "أغْلَاهَا ثَمَنًا، وأنْفَسُها عِنْدَ أهْلِها" (١). وإنَّما اخْتارَ أحمدُ إخْرَاجَ التَّمْرِ اقْتِداءً بأَصْحابِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، واتِّباعًا لهم (٢). ورَوَى بإسْنادِهِ، عن أبى مِجْلَزٍ، قال: قلتُ لابنِ عمرَ (٣): إنَّ اللهَ قَدْ أَوْسَعَ، والبُرُّ أفْضَلُ من التَّمْرِ. قال: إنَّ أصْحَابِى سَلَكُوا طَرِيقًا، وأنا اُّحِبُّ أن أَسْلُكَهُ. وظاهِرُ هذا أنَّ جَمَاعَةَ (٤) الصَّحابةِ كانوا يُخْرِجُونَ التَّمْرَ، فأحَبَّ ابنُ عمرَ مُوَافَقَتَهُم، وسُلُوكَ طَرِيقَتِهم، وأَحَبَّ أحمدُ أيضا الاقْتِداءَ بهم واتِّبَاعَهم. ورَوَى البُخَارِىُّ (٥)، عن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَدَقَةَ الفِطْرِ، صَاعًا من تَمْرٍ، أو صَاعًا من شَعِيرٍ، فعَدَلَ الناسُ به نِصْفَ صاعٍ (٦) من بُرٍّ. فكان ابنُ عمرَ يُخْرِجُ التَّمْرَ،


(١) أخرجه البخارى، فى: باب أى الرقاب أفضل، من كتاب العتق. صحيح البخارى ٣/ ١٨٨. ومسلم، فى: باب بيان كون الإِيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم ١/ ٦٩. وابن ماجه، فى: باب العتق، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤٣. والإِمام مالك، فى: باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزنا، من كتاب العتق. الموطأ ٢/ ٧٧٩، ٧٨٠. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣٨٨، ٥/ ١٥٠، ١٧١، ٢٦٥.
(٢) في ب، م: "له".
(٣) في م زيادة: "إن رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال".
(٤) فى م زيادة: "من".
(٥) تقدم تخريج الحديث في صفحة ٢٨١. وهذه الرواية عند البخارى: باب صدقة الفطر على الحر والمملوك، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى ٢/ ١٦٢.
(٦) فى النسخ: "صاعا". والصواب من: صحيح البخارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>