للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ القَصْدَ مَعْرِفةُ بَراءَتِها من ماءِ البائعِ، ولا يَحْصُلُ ذلك مع كَوْنِها في يَدِه. وإن اشْتَرَى عبدُه التَّاجرُ أمَةً، فاسْتَبْرأها، ثم صارت إلى السَّيِّدِ، حَلَّتْ له بغيرِ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّ مِلْكَه ثابتٌ على ما في يَدِ عَبْدِه، فقد حَصَلَ اسْتِبْراؤُها في مِلْكِه. وإن اشْتَرَى مُكاتَبُه أمَةً، فاسْتَبْرأَها، ثم صارتْ إلى سيِّدِه، فعليه اسْتِبْراؤُها؛ لأنَّ مِلْكَه تجَدّدَ عليها (١٩)، إذ ليس للسَّيِّدِ مِلْكٌ على ما في يد مُكاتَبِه، إلَّا أن تكونَ الجارِيةُ من ذَواتِ مَحارِمِ المُكاتَبِ، فقال أصحابُنا: تُبَاحُ للسَّيِّدِ بغيرِ اسْتِبْراءٍ؛ لأنَّه يَصِيرُ حُكْمُها حكمَ المُكاتَبِ، أن رَقَّ رَقَّتْ، وإن عَتَقَ عَتَقَتْ، والمكاتَبُ عبدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ، والاسْتِبْراءُ الواجبُ ههُنا في حَقِّ الحاملِ بوَضْعِه بلا خِلافٍ، وفى ذَات القُرُوءِ بحَيْضةٍ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ: بحَيْضَتَيْنِ. وهو مُخالِفٌ للحديثِ الذي رَوَيْناه، وللمعنى؛ فإنَّ المَقْصُودَ مَعْرِفةُ بَراءَتِها من الحَمْلِ، وهو حاصلٌ بحَيْضةٍ، وفى الآيِسَةِ والتى لم تَحِضْ والتى ارْتَفَعَ حيضُها بما ذكرْناه في أُمِّ الوَلَدِ، على ما مضَى من الخِلافِ فيه.

فصل: ومَنْ مَلَكَ مَجُوسِيّةً، أو وَثَنِيّةً، فأسْلَمَتْ قبلَ اسْتِبْرائِها، لم تَحِلَّ له حتى يَسْتَبْرِئَها، أو تُتِمَّ ما بَقِىَ من اسْتِبْرائِها؛ لما مَضَى. وإن اسْتَبْرأها ثم أسْلَمَتْ، حَلَّتْ له (٢٠) بغيرِ اسْتِبْرائِها. وقال الشافعيُّ: لا تَحِلُّ له (٢١) حتى يُجَدِّدَ اسْتِبْراءَها بعدَ إسْلامِها؛ لأنَّ مِلْكَه تَجدَّدَ على اسْتِمْتاعِها، فأشْبَهَتْ مَن تَجَدَّدَ مِلْكُه على رَقَبَتِها. ولَنا، قولُه عليه السلام: "لَا تُوطَأُ حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرأَ بحَيْضَةٍ". وهذا وَرَدَ في سَبايَا أَوْطاسٍ، وكُنَّ مُشْرِكاتٍ، ولم يَأْمُرْ في حَقِّهِنَّ بأكْثَرَ من حَيْضةٍ، ولأنَّه لم يتَجَدَّدْ مِلْكُه عليها، ولا أصَابَها وَطْءٌ من غيرِه، فلم يَلْزَمْه اسْتِبْراؤُها، كما لو حَلَّتِ المُحَرَّمةُ، ولأنَّ الاسْتِبْراءَ إنَّما وَجَبَ كيْلا يُفْضِىَ إلى اخْتلاطِ المِيَاهِ، وامْتِزاجِ الأْنسابِ، ومَظِنَّةُ ذلك


(١٩) في ب: "عليه".
(٢٠) سقط من: الأصل.
(٢١) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>