للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهُرٍ، فهو إِيلاءٌ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُه، فانْصَرَفَ إليه بِنِيَّتِهِ. وإِنْ نَوَى مُدَّةً قَصِيرَةً، لم يكنْ إِيلاءً لِذلك. وإِنْ لم يَنْوِ شَيْئًا، لم يكنْ ايلاءً؛ لأنَّه يَقَعُ على القَلِيلِ والكَثِيرِ، فلا يَتَعَيَّنُ لِلْكَثِيرِ. فإنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فإذا مَضَتْ، فوَاللَّهِ لا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. أو: فإذا مَضَتْ، فوَاللَّهِ لا وَطِئْتُكِ شَهْرَيْنِ. أو: لا وَطِئْتُكِ شَهْرَيْنِ، فإذا مَضَتْ، فَوَاللَّهِ لا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. ففِيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما: ليس بِمُولٍ؛ لأنَّه حالِفٌ بِكُلِّ يَمِينٍ على مُدَّةٍ ناقِصَةٍ عن مُدَّةِ الإِيلاءِ، فلم يَكنْ مُولِيًا، كما لو لم يَنْوِ (٤٥) إلَّا مُدَّتَها، [ولِأَنَّهُ يُمْكِنُه الوَطْءُ بالنِّسْبَةِ إلى كُلِّ يَمِينٍ عَقِيبَ مُدَّتِها] (٤٦) مِن غيرِ حِنْثٍ فيها، فأشْبَهَ ما لوِ اقْتَصَرَ عليها. والثَّانِى، يَصِيرُ مُولِيًا؛ لأَنَّه مَنَع نَفْسَه مِن الوَطْءِ بِيَمِينِه أكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ، فكانَ مُولِيًا، كما لو مَنَعَها بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، ولأنَّه لا يُمْكِنُه الْوَطْءُ بعدَ المُدَّةِ إلَّا بحِنْثٍ فى يَمِينِه، فأشْبَهَ ما لو حَلَفَ على ذلك بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، ولو لم يكنْ هذا إِيلاءً، أفْضَى إلى أَنْ يَمْتَنِعَ (٤٧) مِنَ الْوَطْءِ طُولَ دَهْرِه بالْيَمِينِ، فلا يكونُ مُولِيًا. وَهَكَذا الْحُكْمُ فِى كُلِّ مُدَّتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ يَزِيدُ مَجْمُوعُهما عَلَى أرْبَعَةٍ، كثلاثةِ أَشْهُرٍ وثلاثةٍ، أو ثلاثةٍ وَشَهْرَيْنِ، لما ذَكَرْنا مِنَ التَّعْلِيلَيْنِ. وَاللَّهُ أعْلَمُ.

فصل: فإنْ قال: إنْ وَطِئْتُكِ، فواللَّهِ لا وَطِئْتُكِ. لم يكنْ مُولِيًا فى الحَالِ؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه بالوَطْءِ حَقٌّ، لكنْ إِنْ وَطِئَها صارَ مُولِيًا؛ لأنَّها تَبْقَى يَمِينًا تَمْنَعُ الوَطْءَ على التَّأْبِيدِ. وهذا الصَّحِيحُ عن الشَّافِعِىِّ. وحُكِىَ عنه قَوْلٌ قَدِيمٌ، أنَّه يكونُ مُولِيًا [مِن الأَوَّلِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه الوَطْءُ إِلَّا بِأَنْ يَصِيرَ مُولِيًا] (٤٦)، فيَلْحَقُه بِالْوَطْءِ ضَرَرٌ. وكذلك على هذا القَوْلِ، إنْ قال: وَطِئْتُكِ فواللَّهِ لا دَخَلْتُ الدَّارَ. يكونُ (٤٨) مُولِيًا مِن الأَوَّلِ، فإِنْ وَطِئَها انْحَلَّ الإِيلاءُ؛ لأَنَّه لم يَبْقَ مُمْتَنِعًا مِنْ وَطئِها بِيَمِينٍ ولا غيرِها، وإنَّما


(٤٥) فى الأصل: "يبق".
(٤٦) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٤٧) فى أ، م: "يمنع".
(٤٨) فى أ، ب، م: "لم يكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>