للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الأَوْلَى؛ لأنَّه أعْجَلُ لِعَتْقِه، وأوْصَلُ إلى المَقْصُودِ الذى كان الدَّفْعُ من أجْلِه، فإنَّه إذا أخَذَه المُكاتَبُ قد يَدْفَعُه وقد لا يَدْفَعُه. ونقل حَنْبَلٌ أنَّه قال: قال سُفْيانُ: لا تُعْطِى مُكاتَبًا لك من الزَّكاةِ. قال: وسَمِعْتُ أبا عبدِ اللَّه يقول: وأنا أرَى مثلَ ذلك. وقال الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللَّه يُسْأَلُ: أيُعْطَى المُكاتَبُ من الزكاةِ؟ قال: المُكاتَبُ بمَنْزِلةِ العَبْدِ، فكيفَ يُعْطَى؟ ومَعْناه -واللَّه أعلمُ- لا يُعْطِى مُكاتَبَهُ من الزَّكاةِ؛ لأنَّه عَبْدُه ومالُه، يَرْجِعُ إليه إن عَجَزَ (٥)، وإن عَتَقَ فله وَلاؤُه، ولا تُقْبَلُ شَهادَتُه لمكاتَبِه، ولا شَهادَةُ مُكاتَبِه له.

١٠٩٠ - مسألة؛ قال: (وقد رُوِىَ عَنْ أَبِى (١) عَبْدِ اللَّه، رَحِمَهُ اللَّه، روَايَةٌ أُخْرَى، أنَّهُ يُعْتِقُ مِنْهَا)

اخْتَلَفَتِ الروايةُ عن أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى جَوازِ الإِعْتاقِ من الزَّكاةِ، فرُوِىَ عنه جوازُ ذلك. وهو قولُ ابنِ عباسٍ، والحسنِ، والزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، وإسحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ، والعَنْبَرِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، لعُمُومِ قولِ اللَّه تعالى: {وَفِى الرِّقَابِ} (٢). وهو مُتَناوِلٌ لِلْقِنِّ، بل هو ظاهِرٌ فيه، فإنَّ الرَّقَبةَ إذا أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ إليه، كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٣). وتَقْدِيرُ الآية، وفى إعْتاقِ الرِّقابِ. ولأنَّه إعْتاقٌ للرَّقَبةِ، فجاز صَرْفُ الزَّكاةِ فيه (٤)، كَدَفْعِه فى الكِتابةِ. والرِّوايةُ الأخرَى، لا يَجُوزُ. وهو قولُ إبراهيمَ، والشافعىِّ؛ لأنَّ الآيةَ تَقْتَضِى صَرْفَ الزَّكاةِ إلى الرِّقَابِ، كقولِه: {فِى سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) يُرِيدُ الدَّفْعَ إلى المُجاهِدِينَ، كذلك ههنا. والعَبْدُ القِنُّ لا يُدْفعُ إليه شىء.


(٥) فى م زيادة: "يرجع إليه". تكرار.
(١) سقط من: م.
(٢) سورة التوبة ٦٠.
(٣) سورة النساء ٩٢، وسورة المجادلة ٣.
(٤) فى أ: "إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>