للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو قَطَعَ يَدَه من نِصْفِ الذِّراعِ. والثانية، يَجِبُ القِصاصُ في الطَّرَفِ، فإن مات به، وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُه. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لما ذكرْناه (١٩) في أوَّلِ المسألةِ. وذكر أبو الخَطَّابِ، أنَّه لا يقْتَصُّ منه في الطَّرفِ، رِوَايةً واحدةً، وأنَّه لا يَصِحُّ تَخْرِيجُه (٢٠) على الرِّوايتَيْنِ في المسألةِ؛ لإِفْضاءِ هذا إلى الزيادةِ، بخلافِ المسألةِ. والصحيحُ تَخْرِيجُه على الرِّوايتَيْنِ، وليس هذا بزيادةٍ؛ لأنَّ فَواتَ النَّفْسِ بسِرَايةِ فِعْلِه، وسِرَايةُ فِعْلِه كفِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو قَطَعَه ثم قَتَلَه، ولأنَّ زِيادةَ الفِعْلِ في الصورةِ مُحْتمِلٌ في الاسْتِيفاءِ، كما لو قَتَلَه بضَرْبةٍ، فلم يُمْكِنْ قَتْلُه في الاسْتيفاءِ إلَّا بضَرْبَتَيْنِ.

فصل: وإن جَرَحَه جُرْحًا لا قِصاصَ فيه، ولا يَلْزَمُ فَواتُ الحياةِ به، مثل أن أجَافَه، أو أَمَّه، أو قَطَعَ يَدَه من نِصْفِ ذِرَاعِه، أو رِجْلَه من نِصْفِ ساقِه، فمات منه، أو قَطَعَ يدًا ناقصةَ الأصابعِ، أو شَلَّاءَ، أو زائِدةً، ويَدُ القاطعِ أصْلِيَّة صَحِيحة، فالصحيحُ في المَذْهَبِ أنَّه ليس له فِعْلُ [مِثْلِ ما فَعَلَ] (٢١)، وليس له أن يَقْتَصَّ إلَّا في العُنُقِ بالسَّيْفِ. ذكره أبو بكرٍ، والقاضى. وقال غيرُهما: فيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّ (٢٢) له (٢٣) أنْ يَقْتَصَّ بمثلِ (٢٤) فِعْلِه، لأنَّه صار قَتْلًا، فكان له القِصاصُ بمثلِ فِعْلِه، كما لو رَضَّ (٢٥) رَأسَه بحَجَرٍ فقَتَلَه به. والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ هذا لو انْفَرَدَ لم يكُنْ فيه قِصاصٌ، فلم يَجُزِ القِصاصُ فيه مع القَتْلِ، كما لو قَطَعَ يَمِينَه ولم يكُنْ للقاطعِ يَمِينٌ، لم يكُنْ له أن يَسْتَوْفِىَ من يَسارِه. وفارَقَ ما إذا رَضَّ رأسَه (٢٦) فمات؛ لأنَّ ذلك الفِعْلَ قَتْلٌ مُفْرَدٌ، وههُنا قتلٌ وقَطْعٌ، والقطعُ لا يُوجِبُ قِصاصًا، فبَقِىَ مُجَرَّدُ القَتْلِ، فإذا جَمَعَ المُسْتَوْفِى بينهما،


(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) في ب: "تخرجه".
(٢١) سقط من: ب، م.
(٢٢) سقط من: ب، م.
(٢٣) سقط من: ب.
(٢٤) في م زيادة: "ما".
(٢٥) في م: "رد" تحريف.
(٢٦) في ب زيادة: "بحجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>