للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكِيلِ المُطْلَقِ فى البَيْعِ (٥١)، إن جُعِلَ الصداقُ مَهْرَ المِثْلِ فما زاد صَحَّ ولَزِمَ، وإن نَقَصَ عنه فلها مَهْرُ المِثْلِ.

الفصل الثالث: أَنَّ الصداقَ لا يكونُ إلَّا مالًا؛ لقَوْلِ اللَّه تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}. ويُشْتَرَطُ أن يكونَ له نِصْفٌ يُتَمَوَّلُ عادةً، بحيثُ إذا طَلَّقَها قبلَ الدُّخولِ بَقِىَ لها من النِّصْفِ مالٌ حَلَالٌ. وهذا معنى قولِ الخِرَقِىِّ: "له نِصْفٌ يُحَصَّلُ". وما لا يجوزُ أن يكونَ ثَمَنًا فى البَيْعِ، كالمُحَرَّمِ، والمَعْدُومِ، والمَجْهولِ، وما لَا مَنْفَعةَ فيه، وما لا يَتِمُّ مِلْكُه عليه كالمَبِيعِ [من المَكِيلِ] (٥٢) والمَوْزُونِ قبلَ قَبْضِه، وما لا يُقْدَرُ على تَسْلِيمِه، كالطَّيْرِ فى الهواءِ، والسَّمَكِ فى الماء، وما لا يُتَمَوَّلُ (٥٣) عادة، كحَبَّةِ حِنْطةٍ، وقِشْرَةِ جَوْزَةٍ، لا يجوزُ أن يكونَ صَدَاقًا؛ لأَنَّه نَقْلٌ للمِلْكِ فيه بعِوَضٍ، فلم يَجُزْ فيه ما ذكَرْناه كالمَبِيعِ. ويُعْتَبَرُ أن يكونَ نِصْفُه ممَّا يُتَمَوَّلُ عادةً، ويُبْذَلُ العِوَضُ فى مِثْلِه عُرْفًا؛ لأنَّ الطَّلاقَ يَعْرِضُ فيه قبلَ الدُّخولِ، فلا يَبْقَى للمرأةِ إلَّا نِصْفُه، فيجبُ أن يَبْقَى (٥٤) لها مالٌ تَنْتَفِعُ به. ويُعْتَبَرُ نِصْفُ القِيمةِ، لا نِصْفُ عَيْنِ الصَّداقِ؛ فإنَّه لو أصْدَقَها عبدًا جاز، وإن لم تُمْكِنْ قِسْمَتُه.

١١٩٨ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أصْدَقَها عَبْدًا بِعَيْنهِ، فوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا، فرَدَّتْهُ، فَلَهَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ)

وجملةُ ذلك أنَّ الصَّداقَ إذا كان مُعَيَّنًا، فوَجَدَتْ به عَيْبًا، فلها رَدُّه، كالمَبِيعِ المَعِيبِ، ولا نعلمُ فى هذا خلافًا إذا كان العَيْبُ كثيرًا. فإن كان يَسِيرًا، فحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّه لا يُرَدُّ به. ولَنا، أنَّه عَيْبٌ يُرَدُّ به المَبِيعُ، فرُدَّ به الصَّداقُ، كالكثيرِ، وإذا رَدَّتْهُ، فلَها قِيمَتُه؛ لأنَّ العَقْدَ لا يَنْفَسِخُ برَدِّه، فيَبْقَى سَبَبُ اسْتِحقاتِه، فيجبُ عليه


(٥١) فى الأصل: "المبيع".
(٥٢) فى الأصل: "كالمكيل".
(٥٣) فى م: "يتعول".
(٥٤) فى م: "يكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>