للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسادُ المَبِيعِ، لم يَصِحّ البَيْعُ؛ لأنَّه مما لا يَصِحُّ بَيْعُه، وإنْ لم يَتَغَيَّر فيها، لم يَصِحَّ بَيْعُه؛ لأنَّه مَجْهُولٌ. وكذلِك إنْ كان الظَّاهِرُ تَغَيُّرَه. فأمَّا إنْ كان يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وعَدَمَه، وليس الظَّاهِرُ تَغَيُّره، صَحَّ بَيْعُه؛ لأنَّ الأصْلَ السَّلامَةُ، ولم يُعارِضْه ظاهِرٌ، فَصَحَّ بَيْعُه، كما لو كانتِ الغَيْبَةُ يَسِيرَةً، وهذا ظاهِرُ مذهبِ الشَّافِعِىِّ.

فصل: ويَثْبُتُ الخِيارُ فى البَيْعِ لِلْغَبْنِ فى مَواضِعَ؛ أحدها، تَلَقِّى الرُّكْبانِ، إذا تَلَقَّاهُمْ فاشْتَرَى منهم وباعَهُمْ وغَبَنَهُمْ. الثانى، بَيْعُ النَّجْشِ. ويُذْكَرانِ فى مَوضِعِهِما (٢٦). الثالث، المُسْتَرْسِلُ إذا غُبِنَ غَبْنًا يَخْرُجُ عن العادَةِ، فله الخِيارُ بين الفَسْخِ والإِمْضاءِ. وبهذا قال مالِكٌ، وقال ابنُ أبِى مُوسَى، وقد قيِلَ: قد لَزِمَه البيعُ ولَيْسَ له فَسْخُه. وهذا مذهبُ أبِى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ نُقْصانَ قِيمَةِ السِّلْعَةِ مع سَلامَتِها لا يَمْنَعُ لُزُومَ العَقْدِ، كَبَيْعِ غيرِ المُسْتَرْسِلِ، وكالغَبْنِ اليَسِيرِ. ولنا، أنَّه غَبْنٌ حَصَلَ لِجَهْلِه بِالمَبِيعِ، فأثْبَتَ الخِيارَ، كالغَبْنِ فى تَلَقِّى الرُّكْبان، فأمّا غيرُ المُسْتَرسِل، فإنَّه دَخَلَ على بَصِيرَةٍ بِالغَبْنِ، فهو كالعالِمِ بِالعَيْبِ، وكذا لو اسْتَعْجَلَ، فَجهلَ ما لو تَثَبَّتَ لَعَلِمَه، لم يَكُنْ له خِيارٌ، لأنَّه انبنَى على تَقْصِيرِه وتَفْرِيطِه. والمُسْتَرْسِلُ هو الجاهِلُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ، ولا يُحْسِنُ المُبايَعَةَ. قال أحْمدُ: المُسْتَرْسِلُ، الذى لا يُحْسِنُ أنْ (٢٧) يُماكِسَ. وفى لَفْظٍ، الذى لا يُماكِسُ. فكَأنَّه اسْتَرْسَلَ إلى البائِعِ، فأخَذَ ما أعْطاه من غير مُمَاكَسَةٍ، ولا مَعْرِفَةٍ بِغَبْنِه. فأمَّا العَالِمُ بذلك، والذى لو تَوَقَّفَ لَعَرَفَ، إذا اسْتَعْجَلَ فى الحالِ فَغُبِنَ، فلا خِيارَ لهما. ولا تَحْدِيدَ لِلْغَبْنِ فى المَنْصُوصِ عن أحمدَ، وحَدَّه أبُو بَكْرٍ فى "التَّنْبِيهِ"، وابنُ أبى مُوسَى فى "الإرْشَادِ" بالثُّلُثِ. وهو قَوْلُ مالِكٍ؛ لأنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ؛


(٢٦) فى م: "مواضعهما".
(٢٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>