للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموتِ، فلم تَرِثْه، كالمُطَلَّقةِ فى الصِّحَّةِ، ولأنَّ حُكْمَ هذا المرضِ حُكْمُ الصِّحَّةِ فى العَطَايا والإِعتاقِ والإِقْرارِ، فكذلك فى الطَّلاقِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بما إذا قَصَدَ الفرارَ بالطَّلاقِ فى صِحّتِه.

فصل: ولو طَلَّقَ امرأتَه ثلاثًا فى مَرَضِه قبلَ الدُّخولِ بها، فقال أبو بكرٍ: فيها أرْبَعُ رواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، لها الصَّداقُ كاملًا والميراثُ، وعليها العِدَّةُ. اخْتارَها أبو بكرٍ. وهو قولُ الحسنِ، وعطاءٍ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ الميراثَ ثَبَتَ للمَدْخولِ بها لفرارِه منه، وهذا فارٌّ، وإذا ثَبَتَ الميراثُ ثبتَ وجوبُ [العِدَّةِ و] (٦٢) تكْمِيلُ الصَّداقِ، وينْبَغِى أن تكونَ العِدَّةُ عِدَّةَ الوَفاةِ؛ لأنَّا جَعَلْناها فى حُكْمِ مَنْ تُوُفِّىَ عنها وهى زوجةٌ، ولأنَّ الطَّلاقَ لا يُوجِبُ عِدّةً على غيرِ مدخولٍ بها. الثانية، لها الميراثُ والصَّداقُ، ولا عِدَّةَ عليها. وهو قول عَطاءٍ؛ لأنَّ العِدَّةَ حقٌّ عليها، فلا يجبُ بفرارِه. والثالثة، لها الميراثُ ونصفُ الصَّداقِ، وعليها العِدَّةُ. وهذا قولُ مالكٍ، فى روايةِ أبى عُبَيْدٍ عنه؛ لأنَّ مَنْ تَرِثُ يجبُ أن تَعْتَدَّ، ولا يَكْمُلُ الصَّداقُ؛ لأنَّ اللَّه تعالى نَصَّ على تَنْصِيفِه بالطَّلاقِ قبلَ المَسِيسِ، ولا تجوزُ مخالَفَتُه. والرابعة، لا ميراثَ لها، ولا عِدَّةَ عليها، ولها نصفُ الصَّداقِ. وهو قول جابرِ بن زَيدٍ، والنَّخَعِىِّ، وأبى حنيفةَ، والشَّافِعىِّ، وأكثرِ أهلِ العلمِ. قال أحمدُ: قال جابرُ بن زيدٍ: لا ميراثَ لها، ولا عِدَّةَ عليها. وقال الحسنُ: تَرِثُ. قال أحمدُ: أذهبُ إلى قولِ جابرٍ؛ وذلك لأنَّ اللَّه تعالى نَصَّ على تَنْصيفِ الصَّداقِ، ونَفَى العِدَّةَ عن المُطلَّقةِ قبلَ الدُّخولِ بقولِه تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (٦٣). وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (٦٤). ولا يجوزُ مخالفةُ نَصِّ الكتابِ بالرَّأْىِ والتَّحَكُّم. وأمَّا الميراثُ، فإنَّها ليستْ بزَوْجةٍ ولا


(٦٢) سقط من: م.
(٦٣) سورة البقرة ٢٣٧.
(٦٤) سورة الأحزاب ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>