للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُضْوَانِ، فأشْبَهَا الرَّأْسَ والقَدَمَ. ولَنا، أنَّهما في الحُكْمِ كعُضْوٍ واحِدٍ، ولهذا لا يَجِبُ تَرْتِيبُ أحَدِهِما على الآخَرِ، فبطَلَ (٦) مَسْحُ أحَدِهِما بِظُهُورِ الآخَرِ، كالرِّجْلِ الواحِدةِ، وبهذا فارَقَ الرَّأْسَ والقَدَمَ.

فصل: وانْكِشَافُ بَعْض القَدَمِ مِنْ خَرْقٍ كَنَزْعِ الخُفِّ. فإنْ انْكَشَفَتْ ظِهَارَتُهُ، وبَقِيَتْ بِطَانَتُهُ، لم تَضُرّ؛ لأنَّ القَدَمَ مَسْتُورَةٌ بما يَتْبَعُ الخُفَّ في البَيْعِ، فأشْبَهَ ما لو لم يَنْكَشِطْ.

فصل: وإنْ أَخْرَجَ رِجْلَهُ إلى سَاقِ الخُفِّ، فهو كَخَلْعِهِ. وبهذا قال إسحاقُ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَبينُ لي أنَّ عليه الوُضُوءَ؛ لأنَّ الرِّجْلَ لم تَظْهَرْ. وحَكَى أبو الخَطَّاب في "رُءُوسِ المَسَائِلِ"، عن أحمدَ رِوَايةً أُخْرَى كذلك. ولَنا، أنَّ اسْتِقْرَارَ الرِّجْلِ في الخُفِّ شَرْطُ جَوازِ المَسْحِ، بِدَلِيلِ ما لو أدْخَلَ الخُفَّ، فأحْدَثَ قبلَ اسْتِقْرَارِها فيه، لم يكنْ له المَسْحُ، فإذا تَغَيَّرَ الاسْتِقْرَارُ زَالَ شَرْطُ جوازِ المَسْحِ، فيَبْطُلُ المَسْحُ لِزَوَالِ شَرْطِه، كزَوالِ اسْتِتَارِهِ، وإنْ كان إخْراجُ القَدَمِ إلى ما دُونَ ذلك، لم يَبْطُل المَسْحُ، لأنَّها لَمْ تَزُلْ عَنْ مُسْتَقَرِّها.

فصل: كَرِهَ أحمدُ لُبْسَ الخُفَّيْنِ وهو يُدَافِعُ الأخْبَثَيْنِ، أو أحَدَهُما؛ لأنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ بهذه الطَّهارةِ، واللُّبْسُ يُرَادُ لِيمْسَحَ عليه لِلصَّلَاةِ. وكان إبراهيم النَّخَعِىُّ إذا أرادَ أنْ يَبُولَ لَبِسَ خُفَّيْهِ، ويرَىَ (٧) الأمْرَ في ذلك وَاسِعًا؛ لأنَّ الطَّهارةَ كامِلَةٌ، فأشْبَهَ ما لو لَبِسَهُ إذَا خافَ غَلَبَةَ النُّعَاسِ، وإنَّمَا كُرِهَتِ الصَّلَاةُ؛ لأنَّ اشْتِغَالَ قَلْبِهِ بِمُدَافَعَةِ الأَخْبَثَيْنِ يَذْهَبُ بِخُشُوعِ الصَّلَاةِ، ويَمْنَعُ الإِتْيانَ بها على الكَمَالِ، ورُبَّما حَمَلَهُ ذلك على العَجَلَةِ فيها، ولا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي اللُّبْسِ.

٨١ - مسألة؛ قال: (ولَوْ أَحْدَثَ وَهُوَ مُقِيمٌ، فَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى سَافَرَ، أتَمَّ مَسْحَ (١) مُسَافِرٍ مُنْذُ كانَ الحَدَثُ)


(٦) في: "فيبطل".
(٧) في النسخ: "ولا يرى". وفي حاشية: وفى نسخة ولا يرى الأمر في ذلك إلا واحدا.
(١) في م: "على مسح".

<<  <  ج: ص:  >  >>