للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ومن طُلِبَ منه حَقٌّ، فَامْتَنَعَ من دَفْعِه حتى يُشْهِدَ القابِضُ على نَفْسِه بالقَبْضِ، نَظَرْتَ؛ فإن كان الحَقُّ عليه بغيرِ بَيِّنَةٍ، لم يَلْزَمِ (١٤) [القابِضَ الإِشْهادُ] (١٥) لأنَّه لا ضَرَرَ (١٦) في ذلك، فإنَّه متى ادَّعَى الحَقَّ على الدَّافِعِ بعدَ ذلك، قال: لا يُسْتَحَقُّ علىَّ شَىْءٌ. والقولُ قولُه مع يَمِينِه. وإن كان الحَقُّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وكان مَنْ عليه الحَقُّ يُقْبَلُ قَوْلُه في الرَّدِّ، كالمُودعِ والوَكِيلِ بغير جُعْلٍ، فكذلك؛ لأنَّه متى ادُّعِىَ عليه حَقٌّ، أو قامَتْ به (١٧) بَيِّنَةٌ، فالقولُ قولُه في الرَّدِّ. وإن كان مِمَّنْ لا يُقْبَلُ قَوْلُه في الرَّدِّ، أو يُخْتَلَفُ في قَبُولِ قَوْلِه، كالغاصِبِ والمُسْتَعِيرِ والمُرْتَهِنِ، لم يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ ما قَبِلَه إلَّا بالإِشْهَادِ، لئلَّا يُنْكِرَ القابِضُ القَبْضَ. ولا يُقْبَلُ قولُ الدَّافِعِ في الرَّدِّ. وإن قال: لا يَسْتَحِقُّ علىَّ شيئا. قامَتْ عليه البَيِّنَةُ. وإذا (١٨) أشْهَدَ على نَفْسِه بالقَبْضِ، لم يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الوَثِيقَةِ بالحَقِّ إلى مَن عليه الحَقُّ؛ لأنَّ بَيِّنَةَ القَبْضِ تُسْقِطُ البَيِّنَةَ الأُولَى، والكِتابُ مِلْكُه، فلا يَلْزَمُه تَسْلِيمُه إلى غيرِه.

٨٤٤ - مسألة؛ قال: (وشِرَاءُ الوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ جَائِزٍ. وكَذلِكَ الْوَصِىُّ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن وُكِّلَ في بَيْعِ شيءٍ، لم يَجُزْ له أن يَشْتَرِيَهُ من نَفْسِه، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. نَقَلَهَا مُهَنَّا. وهو مذهَبُ الشَّافِعِىِّ وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وكذلك الوَصِىُّ، لا يجوزُ أن يَشْتَرِىَ من مالِ اليَتِيمِ شيئا لِنَفْسِه، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ، والأَوْزَاعِىِّ جَوازُ ذلك فيهما. والرِّوَايةُ الثانيةُ عن أحمدَ: يجوزُ لهما أن يَشْتَرِيَا بِشَرْطَيْنِ؛ أحدِهما، أن يَزِيدَا على مَبْلَغِ ثَمَنِه في النِّدَاءِ. والثانى، أن يَتَوَلَّى النِّدَاءَ غيرُه. قال القاضي: يَحْتَمِلُ أن يكونَ اشْتِرَاطُ تَوَلِّى غيرِه النِّدَاءَ (١) واجِبًا،


(١٤) في أ، ب، م: "يلزمه".
(١٥) في ب، م: "القاضي بالإشهاد".
(١٦) في م زيادة: "عليه".
(١٧) سقط من: الأصل، أ.
(١٨) في م: "أو إذا".
(١) في الأصل ا: "للنداء".

<<  <  ج: ص:  >  >>