للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما مأْكُولُه فى جَوْفِه، فإخْراجُه يُفْضِى إلى تَلَفِه. والتَّفْصِيلُ فى بَيْعِه مع وِعائِه، كالتَّفْصِيلِ فى بَيْعِ السَّمْنِ فى ظَرْفِه. ومن ذلك البَيْضُ فى الدَّجاجِ، والنَّوَى فى التَّمْرِ، لا يَجُوزُ بَيْعُهُما؛ لِلْجَهْلِ بهما. ولا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا نَذْكُرُه.

فصل: فأمَّا بَيْعُ الأعْمَى وشِراؤُه، فإن أمْكَنَه مَعْرِفَةُ المَبِيعِ، بالذَّوْقِ إن كان مَطْعُومًا، أو بالشَّمِّ إن كان مَشْمُومًا، صَحَّ بَيْعُه وشِراؤُه. وإن لم يُمْكِنْ، جازَ بَيْعُه، كالبَصِيرِ، وله خِيارُ الخُلْفِ فى الصِّفَةِ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ. [وأثْبَتَ أبو حنيفةَ] (٢٠) له الخِيارَ، إلى مَعْرِفَتِه بالمَبِيعِ، إمَّا بِحسِّهِ أو ذَوْقِه أو وَصْفِه. وقال عُبَيْدُ اللَّه بن الحسنِ: شِراؤُه جائِزٌ، وإذا أمَرَ إنْسانًا بالنَّظَرِ إليه، لَزِمَهُ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يجوزُ إلَّا على الوَجْهِ الذى يَجُوزُ فيه بَيْعُ المَجْهُولِ، أو يكون قد رَآهُ بَصِيرًا، ثمَّ اشْتَراه قبل مُضِىِّ زَمَنٍ يَتَغَيَّرُ المَبِيعُ فيه؛ لأنَّه مَجْهُولُ الصِّفَةِ عند العاقِدِ، فلم يَصِحَّ، كبَيْعِ البَيْضِ فى الدَّجاجِ، والنَّوْى فى التَّمْرِ. ولَنا، أنَّه يُمكنُ الاطِّلاعُ على المَقْصُودِ ومَعْرِفَتُه، فأشْبَه بَيْعَ البَصِيرِ. ولأنَّ إشارَةَ الأخْرَسِ تَقُومُ مقامَ نُطْقِه، فكذلك شَمُّ الأعْمَى وذَوْقُه، وأمَّا البَيْضُ والنَّوْى، فلا يُمكنُ الاطِّلاعُ عليه، ولا وَصْفُه، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا.

٧٦١ - مسألة؛ قال: (وبَيْعُ عَسْبِ الفَحْلِ غيرُ جَائِزٍ)

عَسْبُ الفَحْلِ، ضِرابُه. وبَيْعُه أخْذُ عِوَضِه. وتُسَمَّى الأُجْرَةُ عَسْبَ الفَحْلِ مجازًا. وإجارَةُ الفَحْلِ لِلضِّرَابِ حَرامٌ، [والعَقْدُ فاسِدٌ] (١). وبه قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ جَوازُه. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ عندى الْجَوازُ؛ لأنَّه عَقْدٌ على مَنافِع الفَحْلِ ونَزْوِهِ (٢)، وهذه مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، والماءُ تابعٌ، والغالِبُ حُصُولُه عَقِيبَ نَزوِهِ، فيكونُ كالعَقْدِ على الظِّئْرِ؛ لِيَحْصُلَ اللَّبنُ فى بَطنِ الصَّبِىِّ.


(٢٠) سقط من: الأصل.
(١) سقط من: م.
(٢) أى: لقاحه للأنثى.

<<  <  ج: ص:  >  >>