للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيرِ مَضْمُونٍ، أشْبَهَ ما لو تَلِفَتْ بجِرَاحَتَيْنِ. يَبْطُلُ بما إذا قُطِعَ السَّارِقُ، ثم قَطَعَ آخَرُ يَدَه عُدْوانًا، فماتَ منهما، وفارَقَ ما ذكَرْنا (٨) إذا جَرَحَ نَفْسَه وجَرَحَه غيرُه؛ لأنَّ الفِعْلَيْنِ عُدْوانٌ، فَقُسِّمَ الضَّمَانُ عليهما.

فصل: ولا يَسْقُطُ الضَّمانُ بِرَدِّها إلى المَسَافةِ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ، والشافِعِىُّ. وقال محمدٌ: يَسْقُطُ، كما لو تَعَدَّى في الوَدِيعةِ، ثم رَدَّها. ولَنا، أنها يَدٌ صارتْ (٩) ضامِنَةً، فلا يَزُولُ الضَّمانُ عنها إلَّا بإذْنٍ جَدِيدٍ، ولم يُوجَدْ. وما ذَكَرُوه في الوَدِيعةِ لا نُسَلِّمُه إلَّا أن يَرُدَّها إلى مالِكِها، أو يُجَدِّدَ له إِذْنًا.

٩٠٤ - مسألة؛ قال: (وكَذلِكَ إنِ اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَىْءٍ، فَزَادَ عَلَيْهِ)

[وجملةُ ذلك أنَّ مَن اكْتَرَى لِحَمْلِ شيءٍ، فزَادَ عليه] (١)، مثل أن يَكْتَرِيهَا لِحَمْلِ قَفِيزَيْنِ، فحَمَلَ ثَلَاثةً، فحُكْمُه حُكْمُ مَن اكْتَرَى إلى مَوْضِعٍ فجاوَزَه (٢)، في وُجُوبِ الأجْرِ المُسَمَّى، وأجْرِ المِثْلِ لما زادَ، ولُزُومِ الضَّمَانِ إن تَلِفَتْ. هذا قولُ الشافِعِىِّ. وحَكَى القاضِى أن قولَ أبى بكرٍ في هذه المَسْأَلةِ وُجُوبُ أجْرِ المِثْلِ في الجَميعِ، وأخَذَهُ من قولِه في من اسْتَأْجَرَ أرْضًا لِيَزْرَعَها شَعِيرًا، فزَرَعَها حِنْطةً، قال: عليه أجْرُ المِثْلِ لِلْجَمِيعِ؛ لأنَّه عَدَلَ عن المَعْقُودِ عليه إلى غيرِه، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا، فزَرَعَ أُخْرَى. فجَمَعَ القاضي بين مَسْأَلةِ الخِرَقِيِّ ومَسْأَلةِ أبى بكرٍ، وقال: يُنْقَلُ قولُ كلِّ واحدٍ من إحْدَى المَسْأَلَتَينِ إلى الأُخْرى، لتَسَاوِيهِما في أنَّ الزِّيادَةَ لا تَتَمَيَّزُ، فيكونُ في المَسْأَلَتَيْنِ وَجْهانِ. وليس الأمْرُ كذلك، فإن بين المسْألَتَيْنِ فَرْقًا ظاهِرًا، فإنَّ الذي حَصَلَ التَّعَدِّى فيه في الحَمْلِ مُتَمَيِّزٌ عن (٣) المَعْقُودِ عليه، وهو القَفِيزُ الزائِدُ، بخِلَافِ الزَّرْعِ، ولأنَّه في مسْألةِ الحمْلِ اسْتَوْفَى المَنْفعةَ المَعْقُودَ عليها


(٨) سقط من: ب، م.
(٩) سقط من: م.
(١) سقط من: ب.
(٢) في م زيادة: "إلى سواه".
(٣) في ب: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>